الاثنين، 30 سبتمبر 2013

الإسلام بين الشرق والغرب



# حوليات

(92)

في بيتنا كتاب

الإسلام بين الشرق والغرب

لـ / علي عزت بيجوفيتش

 
بدأت في قراءته مع صالون الجمعة قبل فترة طويلة ، وهو من الكتب التي تمنيت قراءتها لكثرة الحديث عنها  ، وقد انقطعت عنه لفترة أطول ثم عدت لاستكماله حتى انتهيت منه أول أمس.

بدأ الكتاب بمقدمة طويلة من المترجم ، شعرت بأن المقدمة مهمة ولكنها للأسف جعلتني أهاب الكتاب نفسه وتخيلت أني لن استمتع بالكتاب وأنه سوف يكون معقداً وصعباً ، لذلك قرأت مقدمة المسيري – والتي تم إدراجها في طبعة أخرى غير التي معي – حتى افهم الكتاب قبل الدخول فيه ، وبصراحة شديدة ، ليتني قرأت الكتاب بدون مقدمات ، فالكتاب لغته واضحة وسلسة ولا تحتاج لمقدمة ولا شروح.

في بداية الكتاب ، استمتعت بالقراءة وبدأت في جني الكثير من الاقتباسات ومنها :

الحيوان كائن بريء ، بدون خطايا وهو محايد من الناحية الأخلاقية كأنه شيء من الأشياء ، أما الإنسان فليس كذلك أبداً.

لو كان الإنسان ببساطة أكثر الحيوانات كمالاً ، لكانت حياته بسيطة خالية من الأسرار ، لكنه ليس كذلك ، إنه دودة الأرض وابن السماء.

يكون الحيوان خطيراً عندما يكون جائعاً أو في خطر، أما الإنسان فيكون خطيراً عندما يشبع ويقوى. وكثير من الجرائم تُرتكب بسبب الشبع والعبث.

كان محققو محاكم التفتيش في الماضي يزعمون أنهم يحرقون الجسد لكي ينقذوا الروح أما المحققون المعاصرون فإنهم يفعلون العكس " يحرقون " الروح بدلاً من الجسد.

إن ضيق أفق الإنسان يتجلى أكثر ما يكون في اعتقاده بأنه لا يرى أمامه لغزاً.

الحضارة تُعلِّم أما الثقافة فتُنور ، تحتاج الأولي إلى تعلم, أما الثانية فتحتاج إلى تأمل.

وبعد توقف طويل عن القراءة ، عدت ولكن بنوع من الفتور ، فلقد بدأ الكتاب يأخذ منحى أكثر جدية وأكثر تخصصًا ، وبدأ يتطرق لمواضيع وشخصيات لم اقرأ عنها شيئًا مما سبب لي نوعًا من التشويش وعدم قدرتي على فهم الفكرة التي يحاول أن يوصلها لي الكاتب ، والذي للأمانة الأدبية والعلمية يعتبر موسوعة ثقافية فكرية متنقلة ، فهو أبهرني من خلال كتابه بكمية الكتب التي قرأها والمعلومات والخلفيات الثقافية التي يفقهها.

وهنا عدت مرة أخرى لجني المزيد من الاقتباسات ، منها:

الإنسانية هي التأكيد على الإنسان باعتباره كائناً حراً مسئولاً . ولا شيء يحط من قدر الإنسان أكثر من الإدعاء بعدم مسئوليته.

التعليم وحده لا يرقى بالناس ولا يجعلهم أفضل مما هم عليه أو أكثر حرية، أو أكثر إنسانية. إن العلم يجعل الناس أكثر قدرة، أكثر كفاءة، أكثر نفعًا للمجتمع. لقد برهن التاريخ على أن الرجال المتعلمين والشعوب المتعلمة يمكن التلاعب بهم بل يمكن أن يكونوا أيضًا خدامًا للشر، ربما أكثر كفاءة من الشعوب المتخلفة.

إن الدين الذي يريد أن يستبدل التفكير الحر بأسرار صوفية، وأن يستبدل الحقيقة العلمية بعقائد جامدة، والفعالية الاجتماعية بطقوس، لا بد أن يصطدم بالعلم. والدين الصحيح - على عكس هذا - فهو متسق مع العلم ، وكثير من العلماء الكبار يسود عندهم الاعتراف بنوع من الوحدانية ، وفوق هذا يستطيع العلم أن يساعد الدين في محاربة المعتقدات الخرافية ، فإذا انفصلا يرتكس الدين في التخلف ويتجه العلم نحو الإلحاد.

إن لكل إنسان قَدَرُه ، والتسليم بهذا القدر هو الفكرة النهائية العليا للإسلام.

إن الإسلام لم يأخذ اسمه من قوانينه ولا نظامه ولا محرماته ولا من جهود النفس والبدن التي يطالب الإنسان بها، وإنما من شيء يشمل هذا كله ويسمو عليه: من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعي باطني ، من قوة النفس في مواجهة محن الزمان ، من التهيؤ لاحتمال كل ما يأتي به الوجود ، من حقيقة التسليم لله ، إنه استسلام لله ، والاسم إسلام.

هذا الكتاب مرهق فكريًا وذهنيًا لقارئة عادية مثلي ، لكنه بالتأكيد مرجعًا مهمًا لأصحاب التخصص في الفكر والفلسفة وعلم الاجتماع ، والمهتمين بهذا المجال.

هل نادمة على قراءته ؟ أبداً ، فلقد استمتعت بجزء كبير من الكتاب وكان فرصة جيدة للتعرف على الكُتاب الغربيين المسلمين ، وربما أكرر التجربة مرة أخرى ، من يدري ؟!

*****

 

 

الأحد، 29 سبتمبر 2013

عن/إلى الحلم لا يؤلم



# حوليات

(91)

في بيتنا كتاب

عن/ إلى الحلم لا يؤلم

  لـ / لبنى نور

قبل أن ابدأ بالقراءة ، كنت على يقين بأن لبنى مختلفة ، متفردة مثل مدونتها.

وهذا ما وجدته في كتابها الالكتروني الأول ، وهنا لا ازعم بأني قد فهمت نصوصها جميعها ، بل القليل منها هو ما استطعت فك طلاسمه ، ربما كان عيبًا مني وربما لأني اشعر بأن لبنى تكتب لنفسها عن نفسها وربما لبعض القراء أصحاب الذائقة العالية وللأسف أنا لست منهم.

الجميل في كتابات لبنى أنها تجبرك على التأمل وعدم التسرع في القراءة ، بل التوقف عند هذه الكلمة أو تلك ، تجبرك على احترام فكرها وكلماتها.

والجميل أيضًا اهتمامها باللغة وصبرها على نصها حتى ينضج بلا تسرع ، لهذا خرج الكتاب في أبهى صورة وخاليًا من الأخطاء الإملائية والمطبعية .

كل التوفيق يا لبنى وفي انتظار الكتاب القادم.

****

السبت، 28 سبتمبر 2013

رجم ثريا



# حوليات

(90)

في بيتنا كتاب

رجم ثريا

لـ / فريدون صاحب جم

 
كنتُ قد شاهدت الفيلم قبل قراءة الرواية والتي تستند في أحداثها عن قصة حقيقية وقعت في ثمانينات القرن الماضي في إيران بعد الثورة الخمينية على حكم الشاه ، تدور أحداث الرواية حول امرأة اسمها ثريا تعيش في قرية نائية يتم رجمها حتى الموت بعد أن اتهمها زوجها بالفاحشة ، والفاحشة هنا يا سادة يا كرام ما هي إلا أنها ابتسمت لرجل أخر وتبادلت معه بعض الكلمات الهامسة وطبعًا هذا حسب إدعاءه.

عندما شاهدت الفيلم ، صدمني وبشدة مشهد الرجم ، كان عنيفًا ومتوحشًا وهذه هي أول مرة في حياتي أشاهد مثل هذا المنظر ، شعرت بكل حجر وطوبة تم إلقاؤها على ثريا ، شعرت بالصفعات المتتالية على وجهي ، وصرخت في وجوههم جميعًا : " أليس بينكم رجلٌ رشيد ؟"

ما كل هذا الظلم والقسوة والطغيان ، ما كل هذا الجهل والتخلف ، ما كل هذه الوحشية والحيوانية التي تسكن دواخلكم ، تقتلون امرأة لمجرد أن زوجها اتهمها بالزنا ، أين شهودكم على تلك الواقعة ، أين أنتم من دينكم الصحيح ، مئات الأسئلة تزاحمت في عقلي ، ودفعتني إلى العدول عن قراءة الرواية التي تم أخذ الفيلم عنها والتي تحمل نفس الاسم.

وقبل يومين فقط ، قررت قراءتها ، وقد كان هناك اختلاف نوعًا ما بين الفيلم والرواية وذلك في الأحداث والشخصيات ، لكن القصة هي هي ولكن أكثر إيلامًا لأنها تتطرق لأمور أخرى غير القصة الرئيسية وهي الرجم ، فهي تتحدث عن عمليات الإعدام الكثيرة والتي طالت العديد من المثقفين والوزراء والمعارضين ، كما تتطرق لقصة المتعة – المعروفة عند الشيعة –  وأمور أخرى.

الكتاب مؤلم ومرهق نفسيًا ، ومشهد الرجم وما تلاه من ذهاب الرجال للاحتفال وحكمهم على المغدورة بعدم الدفن لأن أمثالها لا يستحقن الدفن وتركها للكلاب تنهش ما تبقى منها ، كل هذا تسبب في ألم شديد في معدتي ورغبة جامحة في التقيؤ!

لقد فاق الإنسان في جبروته وساديته وقدرته على الظلم كل الكائنات والمخلوقات.

 
****

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

أحلام على قائمة الانتظار



# حوليات

(89)

في بيتنا كتاب

أحلام على قائمة الانتظار

لـ / نبال قندس

كنت من المتابعين لنبال قندس عبر صفحتها على الفيس بوك والتي تحمل نفس اسم هذا الكتاب "أحلام على قائمة الانتظار" ، وسعدت عندما علمت بصدور أول كتاب لها ، كيف لا وهي بنت بلادي الحبيبة ، وسعدت أكثر وأكثر عندما حصلت على نسخة الكترونية من الكتاب.

الكتاب عبارة عن مجموعة من الخواطر الأنثوية الرومانسية الحالمة وعلى ما يبدو أن الكاتبة قد تأثرت – حالها حال الكثير من الكاتبات الشابات – بأحلام مستغانمي وغادة السمان وشهرزاد الخليج ، وللأسف لم تخرج من هذه الدائرة ، ولم تأتي بالجديد ، ولو أن اسم نبال لم يكن على الكتاب لما عرفت من هي صاحبته.

عمومًا قلم نبال رائع ويبشر بالخير ، واعتقد بأنه سوف يكون لها مستقبل مشرق وقلم خاص بها يختلف عن الأخريات ، ما عليها سوى التجديد والخروج من دائرة التأثر بغيرها ، وأتمنى عليها أيضًا أن تتجنب في كتبها القادمة – إن شاء الله – الأخطاء المطبعية والتي أخرجتني عدة مرات من جو القراءة.

مما أعجبني ..

" لا يُرعب النسيانُ يا سيدي امرأة اختارته طوعًا".

كل التوفيق لكاتبتنا الشابة ..

لتحميل نسخة من الكتاب اضغط هنا .

******

الخميس، 26 سبتمبر 2013

رباعيات صلاح جاهين



# حوليات

(88)

في بيتنا كتاب

رباعيات صلاح جاهين

طبعًا لـ / صلاح جاهين

 
بينما كنت في جولة بين كتبي الالكترونية ، أحاول أن اقرأ كتاب في هذا المساء ، وبعد أن قمت بفتح عدة كتب وما أن اقرأ سطرين أقوم بإغلاق الكتاب وفتح غيره ، إذ بي وجهًا لوجه مع عم صلاح جاهين ورباعياته ، وتذكرت رباعيات جلال الدين الرومي والذي بدأت فيها ولكني توقفت ولم أكملها ، وقلت لأرى رباعيات جاهين هذه المرة ، فلقد قرأت غالبية رباعياته ولكن ليس من كتاب ، بل مقتطفات واقتباسات هنا وهناك.

كانت المقدمة طويلة وبقلم يحيى حقي الذي أخذ بعض رباعيات الكتاب وقام مشكوراً بشرحها وشرح فلسفة صلاح جاهين ، فهذه الرباعيات وإن كانت تبدو للعيان بأنها رباعيات هزلية ساخرة لا قيمة لها كُتِبتْ باللهجة العامية المصرية إلا أن المُدقق في معانيها سوف يجد البدع ، سوف يجد الفلسفة والفكر اللذان يختبئان خلف جمل عفوية وتلقائية ، وعجبت أشد العجب ، كيف استطاع صلاح جاهين الجمع بين العفوية والفلسفة ، بين الغموض والوضوح ، بين الشكل الظاهر والمعنى الباطن.

وهنا تكمن عبقرية الشاعر ، وللأمانة الأدبية لقد شعرت بالغبطة من هذا الشاعر الذي أتمنى لو اكتب شعراً مثل شعره في بساطته وعمقه في نفس الوقت ويصل لقلوب ملايين البشر.

يا مشرط الجراح أمانة علـــــــــــيك

وأنت ف حشايا تبص من حواليــك

فيه نقطة سوده في قلبي بدأت تبان

شيلها كمان .. و الفضل يرجع إليك

عجبي !!!

لقد مات صلاح جاهين منذ زمن إلا أن كلماته وأشعاره ورباعياته خالدة في أذهان محبيه يتوارثها جيلٌ بعد جيل.











****

 

 

  

 

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

الأعمال الشعرية الكاملة – المجلد الثالث لـ / سميح القاسم



# حوليات

(87)

في بيتنا كتاب

الأعمال الشعرية الكاملة – المجلد الثالث

لـ / سميح القاسم

 
على الرغم من أن عدد صفحات هذا الكتاب تجاوزت الـ 600 صفحة إلا أني انتهيت منه في غضون ساعتين ونصف ، ويعود الفضل لانقطاع التيار الكهربائي في فترة الظهيرة ، والتي لم أرغب في إضاعة وقتها في القيلولة ، وبعد هدوء البيت من الصغار وخلودهم للنوم ، أمسكت به ولم انتبه لنفسي إلا وقد انتهيت منه قبل آذان المغرب.

تعتبر هذه هي التجربة الأولى لي مع الشاعر الفلسطيني سميح القاسم ، وقد استمتعت بالقراءة له جداً ، رغم غموض بعض النصوص وعدم فهمي لها بالإضافة إلى اختلافي معه في الأفكار والآراء التي يعتنقها.

جاءت غالبية النصوص وطنية وثورية ، تتحدث عن فلسطين والثورة والمقاومة بالإضافة إلى نصوص رثى فيها والده والشاعر الفلسطيني معين بسيسو ، ولقد تأثرت جداً بتلك النصوص ، كانت في غاية الألم ، وتنم عن قلب إنساني غارق في العذوبة والرقة.

وقد لفت انتباهي مقطع من إحدى قصائده ، سمعتها وأنا صغيرة في شريط كاسيت قديم عن الانتفاضة الأولى ، كنت أحب سماعها بصوت المنشدة القوي ، كانت تقول :

تقدموا .. تقدموا

كل سماءٍ فوقكم جهنم

وكل أرضٍ تحتكم جهنم

تقدموا

يموت منا الطفل والشيخ

ولا يستسلم

وتسقط الأم على أبنائها القتلى

ولا تستسلم

تقدموا .. تقدموا

وهذه أيضًا بعض المقتطفات التي أعجبتني من المجلد الثالث:


















****

 

 

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

غيمة وسماوات سبع



# حوليات

(86)

في بيتنا كتاب

غيمة وسماوات سبع لـ / إيمان أحمد

 

الله .. الله .. ماذا أقول سوى الله على تلك الكلمات الرائعة البريئة.

أبدعتِ يا إيمان هنا في تجليات عشق إلهي .. تكلمتِ بلسان الكثيرات منا وعبرتي بأجمل العبارات عن حب لا ينضب لخالق الكون.

ربنا يجعله في ميزان حسناتك يا رب ويجعل كلماتك بابًا تدخلين به جنة الرحمن.

أعجبتني غالبية النصوص .. بل كلها وعلقت ببالي بعضها:

كل حلم لم تُبنى آماله نحو رضاك

ولم تك أنت يا الله تمنحه هداك

هو محض دنيا مؤقتة البريق

غارقة في الزيف والتلفيق

****

ربي

أنا لم يعد لدي ما استر به عورات الحياة في عيني

سوى يقيني الخالص بك

فـ ألهمني حبيبي إيمانًا لا ينضب

وصبراً ليس يمل أو يتعب

****

كما أعجبتني صفحة 33 عن جد أكثر من رائعة وأيضا قصيدة " إلى الله " صفحة 36 تحفة فنية في غاية الجمال.

أنصح بقراءته وبشدة.

****

 

 

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

حين يرتدي الحزن قلوبنا



# حوليات

(85)

في بيتنا كتاب

 حين يرتدي الحزن قلوبنا لـ / إيمان أحمد


خواطر جميلة لإنسانة رقيقة .. استمتعت بنفحات الرومانسية والرقة التي تفوح من بين الكلمات المنثورة على الصفحات البيضاء.

واشتممت رائحة محمود درويش وأحلام مستغانمي وشهرزاد الخليج مختبئة بين السطور.

أبدعت إيمان أحمد هنا بخواطرها الرقيقة .. أعجبتني غالبية النصوص وعلقت ببالي بعضها ، إلا أن أكثر جملة أثرت بي وشعرت بأنها جزء مني وأنها تعبر عن حالتي الآن هي:

أريد أن أتنفس كطائر حدوده السماء!

يا الله كم أثرت بي تلك الجملة.

****

 

الأحد، 22 سبتمبر 2013

الغريب



# حوليات

(84)

في بيتنا كتاب

 الغريب لـ / البير كامو

أول تجربة مع كامو ، لم أكن اخطط هذا المساء لقراءة هذا الكتاب ، كنت قد مللت من الكتب الكثيرة المفتوحة أمامي وبحثت عن كتاب جديد ، لفت انتباهي هذا العنوان " الغريب " وشجعني على قراءته عدد صفحاته القليل والذي يتجاوز المائة بسبعة عشر صفحة.

بداية الكتاب مملة وبطيئة ، كنت انتظر الحدث الأكبر أو ذروة الأحداث ، وعندما تأخرت لجأت إلى موقع جودريدز لاستطلع آراء من سبقوني في قراءته ، فاكتشفت أن البير كامو هو كاتب وجودي عبثي ، وهذا يفسر العبثية الناضحة في الكتاب ويفسر أيضًا اللامبالاة غير الطبيعية لدى بطل الرواية والذي جعلني أصفه بالبلادة أكثر من اللامبالاة ، فهو لا يشعر بشيء ، إحساسه متبلد ، فكيف لإنسان لا يسأل عن والدته في دار العجزة كل هذه المدة ، ولا يتأثر بوفاتها وكأنها لا تعنيه في شيء ، كيف يقدم على ارتكاب جريمة بدون أي أسباب واضحة أو عقلانية ، ولا يتألم لوضعه في السجن أو يتضايق من التحقيق أو المحاكمة ولم يبدي أي ملامح للندم على فعلته الشنعاء ، وكل ما يشغل باله في نهاية الرواية هو كيف يستطيع أن يهرب من حد المقصلة ، حتى الكاتب لم ينوه لي عن أسباب ارتكاب بطله لهذه الجريمة ، هل الشمس وحرارتها قادرة على صنع إنسان قاتل ؟!

جرت أحداث هذه الجريمة في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي لها ، كما أن القتيل هو شاب عربي مغربي ، ذهب بي الخيال بعيداً عما جالت به آراء من سبقوني بالقراءة ، وهو أن حياة العربي لا قامت ولا قعدت عند المحتل الفرنسي رغم أن القضاء الفرنسي قد حكم على القاتل بالإعدام إلا أن الكاتب لم يغفل عن إظهار تعاطف القاضي والمحامي مع القاتل ومحاولتهم تبرئته رغم اعترافه بقتل الشاب العربي. 

في الجزء الأخير من الرواية والخاص بالكاهن ، لم يعجبني موقفه الباهت الضعيف في محاولته لإقناع البطل بالإيمان بالله والمسيح ، شعرت بأن كامو أراده ضعيفًا مهتزاً حتى يثبت نظريته الوجودية العبثية والتي يؤمن بها ويدعو لها.

هذه الرواية هي منتهى العبث ، فقد نجح الكاتب – رغم كل شيء – في إيصال فكرته لي رغم اعتراضي على معتقداته وأفكاره والتي ساقها على لسان بطل روايته.

لم اندم على قراءتها وأتمنى أن تتاح لي الفرصة لقراءة المزيد لـ البير كامو.



*****