الثلاثاء، 25 يونيو 2013

محمد عساف الأيقونة الفلسطينية




محمد عساف الأيقونة الفلسطينية

كان الشعب الفلسطيني على موعد مع الفرح يوم السبت الماضي وذلك بعد تتويج الفنان الفلسطيني محمد عساف كـ " محبوب العرب " في برنامج الهواة " Arab Idol " على قناة mbc  الفضائية ، حيث عمت مظاهر الفرحة في كل أنحاء فلسطين المحتلة في غزة المحاصرة والضفة الغربية وأراضي الـ 48 بالإضافة إلى مخيمات اللاجئين في الشتات.

محمد عساف أيقونة وطنية فلسطينية بامتياز ، كيف لا وهو من شارك شعبه بالنضال بصوته كما شارك بإشعال الحماس في قلوب المجاهدين والمقاومين عندما غنى " يا رفح ع خط النار " و " شدي حيلك يا بلد " و " علي الكوفية " و " راجعين يا وطن " و " مهما طال "، كيف لا وهو من كان صوت الطفولة الفلسطينية الحزينة في " إحنا طلائع فلسطين".

هذا هو محمد عساف الذي نتحدث عنه اليوم ، ابن مخيم خان يونس ، الطفل الذي شارك الفنان الملتزم جمال النجار أغانيه الوطنية منذ نعومة أظافره.

لم أكن اعلم وأنا اكتب روايتي الأولى أن محمد عساف ، والذي ذكرت أغنيته " شدي حيلك يا بلد " في سياق أحد فصولها ، سوف يكون يوماً ما نجماً عربياً محبوباً ومشهوراً على مستوى العالم العربي.

لقد عرفناه طفلاً يغني في المهرجانات الوطنية ويتهافت الجميع للاستماع له ولصوته المميز ، ولطالما شارك شعبه الفلسطيني في كل مناسباته ، حيث صدح صوته عالياً يعبر عن هموم هذا الشعب ومأساته من خلال أغانيه الوطنية الملتزمة والمحترمة.

لم يكن عساف يومًا واحداً مطرباً مارقاً أو خليعاً ، بل كان يحمل رسالة هادفة لقضية عادلة ، كان يحمل فلسطين في قلبه وأحلام أبناءها بعيشٍ كريم بعيداً عن الذل والمهانة ، كان حلمه الوحيد بعد تخرجه من الجامعة هو الحصول على وظيفة محترمة تؤمن له مستقبله شأنه شأن أي شاب فلسطيني في مقتبل العمر ، حمل عساف صوتنا المحاصر وانطلق مغرداً في الدنيا بكاملها ، يحمل معه أصوات الآلاف من المهمشين من أمثاله في غـزة والمدفونين وهم على قيد الحياة فيها.

من المحزن أن نرى من يحاربه ويستهزأ به وبنا لمحبتنا وتشجيعنا له ، وخاصة من أبناء جلدتنا ، كان الهجوم على عساف أحياناً يتخذ طابع أن الغناء حرام ، لكن أنا لست هنا لمناقشة هل الفن حرام أم حلال ، ولست بصدد إصدار فتوى فأنا لست أهلاً لها ، وفي أحيان أخرى كان الهجوم يتخذ طابعاً أخر وهو أنه لم يغني لفلسطين في ذلك البرنامج وهذا للأسف كان شرطاً من شروط القناة حتى لا يؤثر على نسبة التصويت ، ورغم ذلك فقد غنى لفلسطين عدة مرات من خلال المواويل أو الأغاني الوطنية المشهورة ، نحن نعرف جميعاً بأن عساف لم يغني في حياته إلا لفلسطين وخدمة لقضيتها الخالدة ، واعتقد أن السبب الحقيقي وراء الهجوم للأسف كان بسبب انتماءه إلى حركة فتح وغناؤه لها في كل مناسباتها الوطنية والحزبية ، وقد صرح عساف من خلال عدة لقاءات صحفية معه أنه ابن فلسطين وينتمي إلى كل أبناء الشعب الفلسطيني بدون استثناء ، وأنه يحمل الحلم الفلسطيني لكل الأطياف السياسية على حدٍ سواء.

كما أن بعض الأخوة العرب استغربوا مدى حماسنا وسعادتنا بعساف واستكثروا تلك الفرحة في عيوننا وكأنه كتب علينا البكاء والحزن طول عمرنا.

صحيح أنه لم يحرر فلسطين ، لكنه على الأقل كان سبباً في فرحة ملايين الفلسطينيين ، فلا تلوموننا على فرحة منقوصة مجتزئة وسط أكوام الأحزان الجاثمة فوق صدورنا.

لقد كان لي الشرف في المشاركة في التصويت لهذا الصاروخ الغزي حيث كان الذي يدفعني للتصويت هو وطنيتي التي كان يوقظها من سباتها بصوته الجبلي عندما يطل علينا ليلهب حماستنا ويشد من آزرنا بعد كل مأساة نعايشها ويعايشها هو بنفسه معنا ، كيف لا وهو من عاصر انتفاضة الأقصى والانقسام الفلسطيني  وحرب غزة الأولى عام 2008 وحربها الثانية عام 2012م .

رغم إيماني بأن برامج الهواة تلك يكون هدفها الأول الربح المادي وأنها تستنزف جيوبنا الخاوية أصلاً ، إلا أنه لا بأس من دفع بعض النقود مقابل الحصول على القليل من السعادة ، وقد كان عساف سبباً لسعادة آلاف الغزيين هنا وملايين الفلسطينيين في كل أنحاء الدنيا ، لقد كانت شوارع غزة أشبه بحظر التجوال ابتداء من الساعة التاسعة مساءاً يومي الجمعة والسبت ، لا يوجد أحد في تلك الشوارع وعندما تسأل أين الناس ، يكون الجواب : إنهم متسمرين أمام شاشات التلفاز لمشاهدة ابنهم ابن غزة محمد عساف وهو يغني ، حتى المعارضين له كان يستمعون في الخفاء للبرنامج للعثور على هفوة منه لكي يستغلها في الهجوم عليه للأسف.

بعض الأعراس الفلسطينية وحفلات الشباب يوم الجمعة كانت تنتهي سريعاً بسبب مغادرة المعازيم للحاق بالبرنامج رغم أن الشعب الفلسطيني ليس من هواة الأغاني العاطفية وليس من متابعي برامج الهواة تلك ، فلقد سبق عساف الكثير من المطربين الفلسطينيين والذين شاركوا من قبل في تلك البرامج ومنهم / عمار حسن – مراد السيوطي – هيثم الشوملي وغيرهم ممن لا اعرف أسمائهم ، ولم يكن يتابعهم الكل الفلسطيني ولم يهتم الشارع الفلسطيني كل هذا الاهتمام كما حدث مع عساف فهو أيقونة وطنية وهو الصوت الوطني لفلسطين ، يتغنى بحبها أولاً وقبل كل شيء ، مثله مثل جمال النجار وأبو عرب وفرقة العاشقين.

أتمنى أن يستمر بعد انتهاء البرنامج في حمل الشعلة الوطنية الوحدوية الفلسطينية ، ويستمر بالغناء عن فلسطين ولفلسطين ليلهب حماسة المناضلين والمقاومين بأغانيه الوطنية .

أتمنى أن يكون حصوله على لقب " محبوب العرب " أو حتى " نجم العرب " بداية مشواره في نقل صورة مشرفة وصحيحة عن فلسطين في كل أنحاء العالم العربي والدولي ، وأن يكون اسماً مشرفاً لبلده في المحافل الثقافية والفنية وآلا ينساق وراء بريق الشهرة المزيف وأن لا ينخرط في مستنقع الفن الهابط .

لكن أغنية الفوز التي غناها بعد فوزه " يا عروبة تجددي " تنبئني بأنه سوف يسير في الطريق الصحيح إن شاء الله وسوف يصبح سفيراً للأغنية الوطنية الفلسطينية.

غن يا عساف يا سفيرنا للعالم أجمع .. غن يا ابن فلسطين لِتُبقي جذوة الوطنية متقدة بداخلنا ..
*****