استحقاق أم استهبال
أيلول خطوة جادة أم مهزلة تاريخية
انبرت العديد من الأقلام للكتابة حول موضوع الساعة " استحقاق أيلول " مع أن لفظة " أيلول " غير مستعملة شعبياً وعلى أرض الواقع ، فالمواطن العادي يستخدم لفظة " سبتمبر " ، ربما في هذا دلالة واضحة على أن ما يسمى استحقاق أيلول هو بعيد كل البعد عن هموم ومشاغل المواطن الفلسطيني العادي.
يحاول الرئيس محمود عباس حشد الدعم الداخلي من أجل مبادرته الغريبة والمعروف نتائجها مسبقا ، هي مراوغة سياسية من الدرجة الأولى ، فهو يعلم جيداً أن أمريكا سوف تستخدم حقها في الفيتو لإيقاف المشروع ولكنه يحاول جاهدا تحريك المياه الراكدة المسماة بـ " المفاوضات " فهي طريقه ومنهجه الوحيد في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي وهو لا يملك خيارا أخر من وجهة نظره.
لقد وصل أبو مازن إلى طريق مسدود ، يقف بلا حراك ، فهو غير قادر على المضي قدماً في المفاوضات العبثية وفي نفس الوقت غير قادر على إتمام المصالحة الوطنية ، يتخبط ما بين تحسين صورته في الشارع الفلسطيني بعد مهزلة محاكمة دحلان وما بين بحثه الدءوب عن عباءة المناضل ليتجنب وضعه في خانة الحكام الديكتاتوريين الذين يجب خلعهم من الحكم.
إن الشارع الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة غير معني بهذا الاستحقاق ، بل على العكس يقلل من أهميته لعدة أسباب منها :
- أن عدد لا بأس به من المواطنين الغزيين وخاصة اللاجئين منهم غير راضيين بدولة حدودها 67 تضم غزة والضفة وجزء من القدس الشريف بل يتطلعون إلى فلسطين التاريخية من البحر للنهر.
- حكومة غزة المقالة أي حكومة حماس تنظر لهذه الخطوة على أنها مغامرة سياسية غير محسوبة النتائج وتأتي دون مشاورات مع كافة الأطياف السياسية الفلسطينية.
- البعض يرى أن أبو مازن فاقد للشرعية بعد انتهاء مدة ولايته وانتهاء مدة المجلس التشريعي ، فكيف يخوض هذه المعركة بدون الرجوع إلى القاعدة الجماهيرية التي لم تخوله للحديث باسمها في المحافل الدولية.
- في حالة " لا سمح الله " موافقة أمريكا على طلب انضمام فلسطين للأمم المتحدة ، لن يستطيع أبو مازن أو غيره الحديث مستقبلا عن المطالبة بأراضي فلسطينية جديدة وسوف تكون الحدود نهائية ولن يستطيع المطالبة بعودة اللاجئين الفلسطينيين " أي رعاياه " إلى دولة أخرى مجاورة وهي " إسرائيل " ، فكيف ترضى يا أبو مازن بدولة وتطلب عودة رعاياك إلى دولة أخرى ؟
- البعض وخاصة المثقفين ونخبة المجتمع تعتقد بأن ما يحدث في أروقة الأمم المتحدة هي حرب تحريكية بالدرجة الأولى ومناورة سياسية أخيرة يقوم بها الرئيس في محاولة يائسة للخروج من المأزق .
- يدعي البعض أن أبو مازن يحاول إحراج راعية السلام في المنطقة " سلامات يا إحراج " وكأن أمريكا تفرق معها المسألة برمتها أليست هي من اعترف بدولة جنوب السودان خلال أقل من أسبوع من إعلان قيامها ؟ على رأي المثل الفلسطيني " مياه مالحة ووجوه كالحة ".
كان أولى يا سيادة الرئيس أن تتمسك بالثوابت الفلسطينية وتعمل على حل مشكلة الحواجز التي تخنق الضفة وتقسمها إلى كنتونات صغيرة .
كان يجب عليك أن تحل مشكلة الانقلاب وتنهي الانقسام وترجع اللحمة والوحدة الوطنية .
كان يجدر بك العمل جادا - وأنت القادر على ذلك - لحل مشكلة معبر رفح وانقطاع الكهرباء وتوفير رواتب الموظفين وتوفير فرص عمل للشباب العاطل وتحسين البنية التحتية وبناء المؤسسات والخروج من عنق الزجاجة التي نحن بها.
تعددت الآراء وتباينت المواقف وتبقى معركة أيلول محسومة النتائج مسبقاً ، ويبقى عليك أخي القارئ الكريم أن تحدد هل هذا استحقاق أيلول أم استهبال أيلول ؟!