كاتب
مبتدئ سعيد
يُحكى أن الشاعر الجاهلي زهير ابن
أبي سلمى كان ينظم قصيدته في أربعة شهور ويهذبها في أربعة ويعرضها على خاصة الشعراء في أربعة ويقرأها على
الجمهور في أربعة ، لذلك سميت قصائده بالحوليات .. لأنه يستغرق حولاً كاملاً في كل
قصيدة ..
تُرى لو كان هذا الشاعر على قيد
الحياة ويعيش وقتنا هذا ، ماذا سيكون رأيه حول كُتَّاب هذه الأيام ؟
كل شخص كتب كلمتين ظن بنفسه أنه
الكاتب الذي لم تجود به الأيام بعد ، واعتقد بأن الجميع سوف يعجب بكتاباته
الطفولية ويشيد بها، فقام بجمع كتاباته ونشرها في كتاب الكتروني على موقع "
جودريدز " ، وانتظر بسعادة وبراءة الأطفال رأي القراء فيما كتب ، للأسف هذا
هو حال بعض الكتاب المبتدئين .
يفاجئ هذا الكاتب " هكذا يصف
نفسه " بكم السخرية والتهكم والهجوم أحياناً من قبل القراء على سذاجة أفكاره
واضمحلال أسلوبه وهذه ردة فعل طبيعية وخاصة بعد تسرع الكاتب المبتدئ لنشر كتاباته
بدون تنقيح أو حتى مراجعة الإملاء وأبسط القواعد اللغوية والنحوية ، بالإضافة إلى
أن معشر القراء هنا لا يرحمون ولا يحابون أحداً ، ويكون أحياناً نقدهم لاذعاً.
المعضلة هنا ، أن هذا الكاتب يشعر
بأنه مجنيٌ عليه وأن هؤلاء القراء بينه وبينهم ثأر وعداء شخصي ، ولا يلتفت إلى
حقيقة تفاهة كتاباته وبالتالي لا يعيد النظر بها ، والأغرب أنه يدافع عن تلك
الكتابات بأنها نالت استحسان وإعجاب بعض أصدقائه وعائلته ، لكن هذا غير كافٍ
لنشرها على الملأ ، فشهادة هؤلاء في حقه مجروحة .
لا أهدف بهذه الكلمات إلى إحباط
وتثبيط عزيمته ، لكني آمل منه الاهتمام والتروي في الكتابة والنشر حتى لا يعرض
نفسه لمواقف محرجة من قبل الآخرين .
عليه أن يهتم بتنقيح وتمحيص
كتاباته وتنظيمها وترتيبها وتهذيبها إملائياً ولغوياً ونحوياً ، وهذا طبعاً لن
يأخذ منه حولاً كاملاً ..
كما يجب عليه أن يقرأ المزيد
والمزيد من الكتب وذلك لإثراء مفرداته وحصيلته اللغوية والأدبية ، فلا كتابة بدون
قراءة ، عليه أن يقرأ للكتاب العظماء على اختلاف مشاربهم ليتعلم منهم ، فهذا ليس
عيباً أو نقيصة ، بل على العكس ، سوف تتوسع مداركه ويتحسن أسلوب كتابته.
استمر بالكتابة ولا تتوقف ، ولا
تيأس من فشل التجربة الأولى ، اجعل للقراءة والكتابة جزءاً من روتين يومك ، اكتب
وأعد الكتابة مرات ومرات ، نقح وهذب ما كتبت ، ثم اعرضه على نقاد ثقاة ممن تعرفهم
، وخذ بنصيحتهم قبل أن تنشر.
" ليس هناك كتابا أقرأه ولا أستفيد منه شيئا جديدا ،
فحتى الكتاب التافه أستفيد من قراءته ،
أني تعلمت شيئا جديدا هو ما هي التفاهة ؟
و كيف يكتب الكتاب التافهون ؟ و فيم يفكرون ؟ "
تلك الكلمة بالأعلى ، أوجهها لي قبل أن تكون
لكم – معشر الكتاب المبتدئين – حتى لا تسمعوا الجملة التي قالها عباس محمود العقاد
منذ زمنٍ طويل ويستمتع البعض في وضعها كرد على كتاباتكم.
:::::::::::