في بيتنا كتاب
قلب من طين
لـ/ إلهام مزيود
أنهيت للتو رواية قلب من طين للكاتبة
الجزائرية الواعدة إلهام مزيود. كنتُ مُحجمة عن قراءتها لسبب لا أعلمه حتى الآن،
ولكني أيقنتُ أني ضيعتُ على نفسي قراءة ٢٢٤
صفحة من الجمال الخالص.
تأخذنا الكاتبة لتدخلنا عالم امرأة شابة
مريضة بالسرطان ونعيش معها مراحل اكتشافها للمرض ومن ثم بدء رحلتها في العلاج.
كمية المشاعر التي انتابتني أثناء
القراءة لا توصف، شعرت بالخيبة والحزن والألم، والغضب، واليأس، والإحباط. وعشت مع
البطلة كل لحظاتها العصيبة وفي نهاية الرواية المفتوحة تركتني وحيدة اتخبط دون وعي
مني.
تجربة المرض هي تجربة مريرة، ولن يشعر
بآلام الآخرين غير من شابه تجربتهم وخاض فيما خاضوا فيه.
لقد خضت تجربة مشابهة لما مرت به البطلة
مع اختلاف نوع المرض. والحمد لله أنجاني الله من التجربة.
كنتُ أتلقى العلاج في مركز علاج سرطان
الدم رغم أني لم أكن مُصابة به، انتظرت أسبوعين من القلق والتوتر المُميت حتى جاءت
النتيجة سلبية والحمد لله. ورغم ذلك استمر العلاج هناك لستة أسابيع أخرى، وكان معي
في الغرفة الواسعة بعض المرضى كبار في السن وصغار يتلقون العلاج الكيماوي، وقد كان
يحزنني ويفزعني سقوط شعرهم وتهدل جلودهم، وحمدت الله كثيرًا أنني مازلت بخير وأن
المحلول المعلق في وريدي لمدة أربعين دقيقة كل يوم جمعة، لم يكن به نفس العلاج
الذي يتلقونه هم. رأيت شبابًا وقد أنهكهم المرض يأسًا، وشيوخًا لم تفارق ابتسامة
الرضا والأمل محياهم.
تحدثت مع بعضهم أحاديث مقتضبة ولم أشأ
عقد صداقات مع أي منهم، أردت أن أنساهم حتى لا يسكن الحزن قلبي على فراقهم. وقد
كان ونجاني الله من التجربة المريرة والمفزعة.
ربما كان هذا سببًا وجيهًا في تفاعلي
الشديد مع الرواية واختلاط مشاعري مع مشاعر البطلة التي رأت حياتها الهانئة في
بيتها مع زوجها وأولادها وقد ذرتها الرياح، وامتزج خوفها من الموت بخوفي.
بالنسبة لي، لم يكن خوفي من الموت إلا
خوفًا من المجهول، الذي ينتظرني في بلاد بعيدة، وحيدةً دون زوجي أو أولادي.
سرطان الثدي، هذا البعبع الذي أرعب
النساء على تباين ألوانهن واختلاف أعمارهن، يقف حجر عثرة في حياتهن يمنعهن من
السعادة والهناء بجانب الكثير من منغصات الحياة الأخرى. يذكرهن من وقت لآخر بوجوده
وأنه قادر في ثانية أن يقلب حياتهن رأسًا على عقب.
قلبي مع كل امرأة صارعت وما تزال هذا
المرض الخبيث بحق، والرحمة كل الرحمة لمن تمكن منها المرض وصرعها.
والشكر كل الشكر لإلهام ومداد قلمها
الذي أثار هذه القضية وسلط الضوء عليها بكل شفافية.
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق