لم يفاجئني خبر اجتماع عزام الأحمد مع موسى أبو مرزوق في مصر بهدف إتمام اتفاقية المصالحة المتعثرة منذ زمن بسبب عنجهية البعض وتصلّب رأي البعض الأخر.
أعلن الأحمد وأبو مرزوق عن توقيع المصالحة بين قطبي القرار السياسي الفلسطيني فتح وحماس ، وأن اجتماع هام سوف يلم شمل كبار الشخصيات الفلسطينية المتناحرة والمتنافرة وعلى رأسهم أبو مازن وخالد مشعل مع نهاية الأسبوع القادم على أرض الحبيبة مصر حاضنة الشعب الفلسطيني بقضاياه ومشاكله .
" كذبة أول نيسان ولكنها متأخرة قليلاً " كانت هذه هي ردة الفعل الطبيعية والأولية عند سماعي لهذا الخبر ، فلقد تعودنا على خروج الأحمد علينا ليذيع خبر المصالحة وإنهاء الانقسام ليتبخر كلامه في الهواء بعد عدة ساعات.
لم أعد استبشر خيراً عند رؤيته واعتبره فأل سيء للمصالحة (!) واعتب على الرئيس أبو مازن لعدم تغييره واستبداله تماشياً مع مقولة " غيّر عتبة بيتك "!
بلكن فُكّت عقدتنا وحُلّت مشكلتنا .
معقول سوف ينتهي الانقسام وتعود اللُحمة الوطنية لشطري الوطن المقهور ؟ بهذه البساطة ، ما الذي استجد على الساحة الفلسطينية أو العربية ليهرول الطرفان نحو الوحدة الوطنية من أجل إنهاء ملف الانقسام !!
لطالما راودتني هواجس تكاد ترقى إلى مرتبة شكوك ، بأن حماس هي التي تعرقل عملية المصالحة ، لأنها - حسب رؤية بعض الخبراء - هي المستفيدة من الانقسام ببقائها في سدة الحكم .
هل تغير موقف حماس بسبب الثورة في سوريا واحتمال سقوط الحليف الإقليمي والعربي لها ؟
هل أصبح موقف أبو مازن أكثر مرونة وليونة بعد سقوط مبارك مثلاً ؟
هل ما يحدث على الساحة الفلسطينية هو نتيجة لتوابع الزلازل العربية المتلاحقة والمتواصلة والمسماة مجازاً بـ " الثورات " ؟
أتمنى أن يكونوا قد فهموا الدرس جيداً وحفظوه عن ظهر غيب لكي يجنبوننا وإياهم مواجهات وصدامات نحن في غنى عنها.
لقد تعبنا من توزيع الحلوى ليلاً وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء احتفاءاً بالتوصل إلى الاتفاق لنستيقظ على فجر مشوه تتناقله وسائل الإعلام حيث يلقي كل طرف تهمة إفشال المصالحة على الطرف الأخر.
وكأن كلام الليل مدهون بزبدة يطلع عليه النهار فيسيح ؟؟
أنا مع المصالحة التي ترافقها حركة تصحيحية لكل الأخطاء التي تسببت بما نحن فيه من فرقة وتشرذم مع محاسبة الفاسدين والمجرمين من كلا الطرفين ، محاسبة من تسبب فيما آل إليه القطاع ، محاسبة المسئولين عن تعذيب أعضاء حماس في سجون الضفة وأعضاء فتح في سجون غزة ، محاسبة قتلة سميح المدهون وأبو المجد غرّيب وأبو الجديان ، محاسبة قتلة الشيخ مجد البرغوثي ، محاسبة قتلة أطفال بعلوشة ، محاسبة قتلة الشهيد هاني النحال وحموده ماضي وغيرهم من أبنائنا في الأجهزة الأمنية والذين راحوا ضحية الاقتتال الداخلي .
المصالحة تعني محاسبة سارقي الأدوية والمساعدات والكوبونات.
المصالحة تعني تطهير البلد من الخونة والسفاحين والمرتزقة .
المصالحة تعني الثأر لشهدائنا الذين سقطوا بأيدي إخوتهم .
المصالحة تعني محاسبة من تسبب بالإعاقات والعاهات لمناضلينا وشرفائنا وذلك بإطلاق النار على ركبهم وإصابتهم في " الصابونة " لكي لا يستطيعون الحراك مرة أخرى .
المصالحة تعني تحكيم القانون والقضاء على شريعة الغاب.
المصالحة تعني محاسبة الفاسدين والمفُسدين في حكومتي رام الله وغزة.
المصالحة لا تعني أن تضع فتح يدها في يد حماس فقط والتقاط الصور التذكارية وعودة الهاربين من غزة إليها (!) ليركبوا على ظهر الشعب مرة أخرى ويدلدلوا رجليهم ، لا نريد للمياه أن تعود لمجاريها النتنة ذات الرائحة العفنة ، نريد أن ننقي تلك المياه ونصفيها جيداً حتى لا تعكر صفو حياتنا من جديد.
أتمنى أن تكون جهود المصالحة جادة وحقيقية هذه المرة ، ولكني متشائمة للأسف ، أتمنى من الله أن يخلف ظنوني وأن تكون الثالثة ثابتة .
*******
ملاحظة خارج السرب:
الرسومات هي من خرابيشي في عالم الكاريكاتير.
******