تمر الأيام بسرعة كبيرة وتتلاحق الأحداث على الساحة السياسية والعربية، ولا نستطيع أن نلتقط أنفاسنا من سرعتها الكبيرة .. بداية من إضراب الأسرى عن الطعام ومن ثم خروج الألف أسير ضمن صفقة شاليط والأفراح والليالي الملاح التي أقامتها فلسطين من طولها لعرضها ، وبعد ذلك مقتل معمر القذافي وابنه المعتصم وتحرير ليبيا (!) والأحداث الجارية في سوريا ومراوغة صالح بكارت التنحي بشرط الضمانات إلى شطط بلال فضل على تويتر ، مروراً بفوز حزب النهضة بالانتخابات في تونس وأخيراً وفاة ولي العهد السعودي وزلزال تركيا.
بصراحة لا ادري من أين ابدأ .. كنت أريد أن اجعل لكل ما سبق موضوع مستقل بذاته ولكني خائفة أن يستجد شيء على الساحة ، فلا أكتب عن أي شيء .
نبدأ مع خروج الأسرى .. عمت الفرحة الكبيرة والغامرة شوارع وبيوت فلسطين ابتهاجاً بخروج الأسرى بعد سنوات طوال في الأسر .. امتدت عند البعض لأكثر من ثلاثين عاماً قضاها خلف القضبان الصهيونية ومن ضمنهم ابن خالي الأسير المحرر : مازن النحال والذي حوكم أربع مؤبدات " كل مؤبد تسعون عاماً " بالإضافة إلى عشرين سنة أخرى !!
ويعتبر الأسير المحرر مازن أو كما هو معروف في المنطقة باسم " عادل " يعتبر أصغر عضو ينضم لحركة المقاومة الإسلامية حماس حيث انضم لصفوفها وهو في الثانية عشر من عمره ، ولقد أمضى في المعتقل أكثر من تسعة عشر عاماً ليدخل السجن في عمر التسعة عشر ويخرج في عمر التسعة والثلاثين ، ورغم تحفظي على ما تقوم به حركة حماس في قطاع غزة إلا أنه يبقى ابن خالي فلا أملك إلا الحديث عنه بحكم القرابة وصلة الرحم.
أفراح وليالي ملاح
أقيمت الأفراح في بيت خالي منذ الإعلان عن الصفقة حتى كتابة هذه السطور ، جموع غفيرة من الناس تأتي وتبارك بخروج القائد البطل ، كما قامت حركة حماس بتنظيم عدة مهرجانات لتكريمهم والاحتفاء بهم ..
عندما رأيت مازن أو " عادل " شعرت بفرحة كبيرة وبغصة وألم في نفس الوقت ، شعرت بالفرح لخروجه سالماً وبغصة لأن والدتي رحمة الله عليها كانت تتمنى أن تراه قبل أن تموت ، شعرت برغبة شديدة في البكاء ولكني تماسكت .. كان مازن ضعيف البنية هزيل الجسد وذلك بسبب إضرابه مع الطعام مع باقي إخوته في الأسر ، كما أنه كان مشوش وغير متزن بسبب النقلة المفاجئة له من سجن بأربع جدران إلى عالم واسع فسيح ، ولكن الحمد لله سرعان ما عاد إلى طبيعته واستطاع أن يتكيف مع الوضع الجديد ، وأتمنى أن يعوض الله عليه بالزوجة الصالحة التي تعوضه عن سنين اعتقاله وأن يرزقه الله بالذرية الصالحة أيضاً..
وقد تم استضافته في قناة الأقصى الفضائية ليتحدث عن قضية أسره وإصابته بجراح خطيرة ودخوله في غيبوبة بعد اشتباكه مع قوات الاحتلال قبل اعتقاله عام 1992م، كما تحدث عن عدم تمكن والده من زيارته لأكثر من 11 سنة منذ بداية انتفاضة الأقصى ووالدته لأكثر من خمس سنوات هي عمر اختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط وفي نهاية حديثه وجه كلمة للمقاومة حيث قال : " هي الطريق فالزموها ".
نهاية تراجيدية لملك الكوميديا
في خضم فرحتنا بخروج ابن خالي وباقي الأسرى وصلنا خبر مقتل معمر القذافي وولده المعتصم بالله في مسقط رأسه سرت يوم الخميس الماضي ، شعرت بأحاسيس متناقضة وهي شعوري بالارتياح لموته وانتهاء حقبة حكمه لليبيا ، وامتعاضي واشمئزازي من الطريقة التي عامله الثوار بها ، فهذه ليست أخلاق مسلمين ولا ثوار ، حيث بدوا لي ولغيري كهمج متوحشين ، رغم كل ما فعل القذافي إلا أنه لا يجوز معاملته بالمثل ، فهذه ليست أخلاقنا ولا التمثيل بجثته والتقاط الصور بجانبها من أخلاق الإسلام ، يبقى معمر وابنه مسلمين ولا يجوز عليهما إلا الرحمة ولقد أفضوا لما قدموا ، وحسابهم وعقابهم عند الله العزيز الجبار.
ولكن موته جاء ليضع نهاية لما يحدث وهي أفضل من الاعتقال ، حتى لا تطول القصة وتتناقل بين المحاكم الدولية وندخل في مسار جديد نحن بغنى عنه وهذا ما حدث مع مبارك في مصر .
اشعر بأن ثورة تونس هي أفضل ثورة حتى الآن في ظل الربيع العربي ، وخاصة أنها انتهت بسرعة ورحل بن علي وبدأ عهد البناء والانتخابات الحرة النزيهة وأتمنى أن يكون حزب النهضة حزب كل الشعب بلا استثناء ، فتونس هي الدولة العربية التي فاجأت الجميع بعدم حدوث فوضى بعد الثورة.
الغباء يكرر نفسه !
رغم ما حدث في ليبيا ومقتل القذافي بهذه الصورة الشائنة والمخزية إلا أن الرئيسين بشار سورية وصالح اليمن لم يتعظا كفاية ، بل على العكس زادا من وحشيتهم في التصدي للثوار والمتظاهرين وكأنهم يسيرون بخطى ثابتة في نفس الطريق الذي سار عليه سلفهم القذافي.
لا أعرف هل هم عميان ولا يتعامون ؟! لابد أن يقول أحدٌ ما لهما : " انتهى الدرس يا غبي " ، خلاص .. نهايتكما اقتربت ولو لم تسلموا من البداية وتهربوا بجلدكم ، فلن ينفعكم ندم بعد ذلك ، ففي انتظاركم موتٌ مخزي أو محكمة الجنايات الدولية ، ليتم معاقبتكم أولاً لعدم انصياعكم لرغبات العدو الذي يريد أن تنتشر الفوضى والفساد في بلادكم بدعوى تحرير سوريا أو اليمن أو الحماية الدولية للمواطنين الأبرياء (!) ويصبح له قواعد عسكرية في بلادكم بدعوى الحفاظ على الأمن وثانياً لجرأتكم على أبناء جلدتكم ومعاملتهم بطريقة وحشية وقتل النساء والأطفال العزل ..
كنت أتمنى أن يكون بشار أذكى من هذا ، وأن يقطع الطريق على الأعداء إما بالتنحي عن السلطة أو بإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة بالإضافة طبعاً إلى الإصلاحات والتحاور مع المعارضة ، بدلاً من أن يدمر سورية ويجعلها لقمة سائغة لإسرائيل وحلفائها .
بلال فضل نزل بحر الدين وهو لا يعرف العوم !
قبل فترة خرج علينا الكاتب علاء الأسواني بمقال عن الخلافة الإسلامية حيث نزل بحر التاريخ وهو لا يعرف العوم ، وقام بمهاجمة الخلافة الإسلامية ووصفها بأنها فترة دموية همجية وأنه لا بديل عن الدولة المدنية ، أما الآن فقد جاء الدور على بلال فضل ليصف ملايين من قراءه " وأنا واحدة منهم " بأنهم بُلهاء وذلك بقوله:
" من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة ".
" من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة ".
وتناقلت وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية ما كتبه الكاتب المصري بلال فضل على صفحته على تويتر ، ونعته لملايين من قرائه المسلمين بالبله ، هؤلاء المسلمون البلهاء الذين يعتقدون بأنهم وحدهم سوف يدخلون الجنة دون سواهم ..
جملة شكلت صدمة لي وللكثيرين من محبي الكاتب الشاب ، الذي أمتعنا بمقالاته الساخرة وكلماته الوطنية ومواقفه الشجاعة في ظل النظام المصري السابق وكان ممن يقولون الحق ولا يخشون فيه لومة لائم .
أغلبنا أدمن قراءة مقالاته وكتبه وكان ينتظرها بفارغ الصبر ، والبعض داوم على مشاهدة برامجه التلفزيونية ، ولكن أن يخرج بمثل هذه الكلمات ، فهو الحمق بعينه ، فهو يشكك في معلومات وردت صراحة في القرآن الكريم وهي أن الجنة للمسلمين ، شاء من شاء وأبى من أبى .. ألم يقرأ بلال فضل قوله تعالى في سورة المائدة :
" لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ " سورة المائدة 72
ويقول بلال فضل أيضاً على تويتر : " كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا".
بلال فضل يعتقد بأن المسيحي أو اليهودي وربما البوذي أيضاً الذي يعمل صالحاً ولم يؤذي أحد لابد أن يدخل الجنة وإلا فلن يكون الله عادلاً " حاشا لله " ، وأريد أن أقول له أن بن غوريون هو يهودي متدين وقد قام بأعمال جليلة وعظيمة في سبيل بناء دولته " إسرائيل " وإعلاء كلمة اليهود والتوراة وفي سبيل تحقيق ذلك قام بالمذابح ضد العرب والفلسطينيين ، فهل هذا مبرر لدخوله الجنة ؟!
العدل معناه أن يعامل المرء بما يستحقه دون تفضل عليه ، فالمسلم الصالح سوف يدخل الجنة والمسلم الطالح سوف يدخل النار لمدة معينة ومن ثم يخرج منها برحمة الله ، أما المسيحيين واليهود وغيرهم من الكفار فلن يدخلوا الجنة " وهذا ما ذكرته الآية 72 من سورة المائدة أعلاه " وسوف يتم مكافئتهم على فعلهم للخير في الدنيا ، ويطبق عليهم قوله تعالي " عاملة ناصبة " حيث كل رهبنتهم وعبادتهم تذهب سدى للأسف لأنهم ليسوا مسلمين ولن يدخلوا الجنة.
" وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" آل عمران 85
وفي النهاية أنا لستُ من أهل العلم ولكني مسلمة عادية غيورة على إسلامي ، واعرف جيداً بأن أهل العلم لم يرضيهم ما قاله الأستاذ بلال فضل والبعض قد رد عليه فعلاً في عدة مناسبات.
ولي عهد في الـ 85 من عمره !
تابعت خبر وفاة ولي عهد السعودية الأمير سلطان بعد صراع مرير مع المرض ، وتابعت أيضاً أخبار ملك السعودية عبد الله وهو في الـ 87 من عمره والذي أجرى عدة عمليات جراحية خطيرة ، وعلى ما يبدو أنه حتى لو أصيب الحاكم بالزهايمر سوف يستمر في الحكم .. حتى آخر نفس يتردد في صدره ..وربما لو يصح له سوف يحكمنا من داخل قبره !!
وزلزال بطعم الثورة
لا أستطيع أن أخفي مدى تعاطفي مع الأكراد ، وامتعاضي من تكالب الجميع عليهم وهم أقلية ، ولا أستطيع أن أخفي مدى تخوفي من تركيا ، رغم مواقف رئيس وزرائها المشرفة .. ويبقى الزلزال شاهد على العصر !
وأخيراً
هذه مجموعة منتقاة من صور استقباله مع تحفظي الشديد على قادة حماس ممن يظهرون معه في الصور!
صور الأسير المحرر : مازن محمد النحال
ملاحظة : الصور ليسوا من تصويري " تجميع ".