الجمعة، 27 يناير 2017

قالت وديان شعث


قالوا عن


قالت (وديان شعث – فلسطين / ماليزيا) عن رواية أوجاع الروح:

هي أول رواية أقرأها عن حرب غزة، وفي الواقع، لولا شيءٌ ما في وجه الكاتبة شدني لتفحص صفحتها لما علمت أنها كاتبة رغم أنها في قائمة الأصدقاء منذ سنوات، ولولا صورة غلاف صفحتها لما علمت عن تلك الروايات التي تكتبها شيئا.

 استجمعت شجاعتي وطلبت منها رواياتها فكاتبة من بلادي "بنظرة عنصرية للنوع والعرق" جعلتني أخاطب نفسي بأن كتاباتها أولى من غيرها في القراءة، ولم أندم على ذلك، بل سعدت بأن هناك كتاب وأدباء يجسدون تلك المرحلة، وحين تتحدث أنثى عن الحرب فهي تعلم جيداً كيف تكتب ومن تخاطب.

كل ما سردته الكاتبة من حوارات وتفاصيل هو بلا شك شيء عاصره كل منا، ولكن قلّما استطاع أحد التعبير عنه، وصفت مشاعر الخوف بل الرعب، وصفت الهروب واللجوء، ووثقت العلاقة بين نزوح اللاجئين من مدنهم لقطاع غزة، وبين نزوحهم من منازلهم لمنازل أقاربهم، سلسلة من العذابات تكرر نفسها ولا تنتهي بل تمتد في صراع للبقاء والحفاظ على هوية لطالما أراد العالم طمسها.

بكاء ليلى وخوفها على أطفالها، ابتهالاتها لله واستغفارها، حلقات مشاهدة الأخبار، الأمل في نهار جديد، الحزن المصحوب بالرعب، يا الهي كم عانى شعبنا الويلات، من أين له هذا الصمود والكبرياء، كيف لشعب مثل شعبنا ذاق كل ما ذاق من ويلات أن يرضخ أو يستسلم أو يهان؟

لكن بعيدة عن روايتنا وخروجا عن أحداثها، ما يحدث الآن في غزة هو بمثابة تهيئة لشعبنا كي يتقبل الذل ويرضى بالهوان، وللأسف يتلقى ذلك على يد أولي الأمر فيه! فلا حق لك في مجرد المطالبة بحقك!! بدلاً من أن يكون هناك تنظيم لعملية المطالبة بالحقوق إعلامياً يتم قمعها بشكل عقيم!

بالعودة للرواية/ أبكتني ليلى، أعادتني لكل تلك الأفكار المرعبة والمتصارعة في رأسي، أعادت لي ذكريات الحرب المريرة ولحظات الندم على كل موقف قسوت فيه على من حولي في حياتي وأنا في استعداد للموت، انتظار الموت أبشع من الموت نفسه، وليلى إذ تحكي قصتها تذكرني بأحد أبشع الكوابيس الذي كنت أراه قديما، بأن أنقاضا تشل حركتي وتحول بيني وبين النجاة، تذكرت ذلك الكابوس المرعب أثناء قراءتي وكأني أحياه الآن.

أصبحت ليلى مجرد ذكرى، يتحدث عنها هذا وذاك، حتى الحزن على غيابها قد يكون بقدر ما، ولدرجة محددة، سيحيا الجميع بعدها بشكل اعتيادي به غصة من ألم الفراق قد تزور الذاكرة بين حين وحين، حرمت ليلى من طموحها، حبها، رؤية أولادها يكبرون، حرمت ليلى من نعمة الموت بسلام.

في هذه الرواية، في حقبة ما من الزمن، الموت هو المناسبة الوحيدة التي تجعل الناس يتزاورون ويسألون عن بعضهم البعض، وهذه الرواية هي قطعة من الحقيقة ليس فيها أي خيال، واقع عاشه الفلسطينيون، وما زالوا يعايشونه.

شكرا للكاتبة التي أتقنت، ووظفت قلمها لتصف واقع أمتها، وقد كنت اشعر قبل قراءة هذه الرواية أن ما من أحد قد استطاع أن يؤرخ معاناة الناس في الحرب إلا بالصور الدامية والأخبار الرقمية، وهنا أنادي كل من كان له قدرة على الكتابة أن يؤرخ معاناة أهلنا بقلم أدبي يضاهي روايات الأدب العالمي، فكم من روايات الأدب تحدثت عن حضارات وأحداث ونقلت وقائع حقيقية للشعوب، وكانت مفتاحاً للبحث عن الحقيقة، بل وأرجو أن يتم ترجمة تلك الأعمال الأدبية للغات عدة تجعل القارئين في الأدب العالمي يبحثون في قضيتنا ويتناولونها في كتاباتهم ومؤتمراتهم، وإن كان ذلك يحدث ونحن لا نعلم، فالأدب لدينا يحتاج المزيد من الاهتمام إعلامياً.

مجددا.. شكرا للكاتبة وكل الاحترام.

***


هناك 4 تعليقات: