السبت، 11 ديسمبر 2010

آخر سؤال... عفواً فأنا لا أتكلم في السياسة !





رن جرس الهاتف بالأمس وكان على الطرف الآخر رجل قدم نفسه على أنه من مؤسسة دراسات وأبحاث  من رام الله ، وعلى فكرة لفلسطيني الضفة الغربية لكنة محببة للأذن ، تشعر معها بأنهم لا يتكلمون بل يغنون (!) وشتان بين أصواتهم وأصوات الغزيين التي تتميز بالشدة والغلظة أحياناً ، المهم أخبرني بأنهم يقومون بإجراء استطلاع حول أوضاع التعليم في غزة ، وأنه يتم اختيار أرقام الهواتف بطريقة عشوائية  ، ترددت لحظات ثم قررت المشاركة ، فطالما أحببت تعبئة الاستبيانات والمشاركة في استطلاعات الرأي منذ أن كنت صغيرة.
بدأ بسؤالي عن العملية التعليمية في غزة وعن المناهج الفلسطينية ومدى ملائمتها للطلبة وهل تنمي حس الإبداع لديهم ، وهل هي جيدة أم سيئة ،كما تتطرق لدور المعلم وأخلاق الطلبة ، ثم انتقل للسؤال عن أوضاع غزة السياسية والأمنية والاقتصادية ، ومن يتحمل مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع ، شعرت بالتوتر من صيغة الأسئلة التي بدأت تأخذ منحى أخر ، فطالما كرهت الحديث في السياسة لأنها لا تسبب إلا صداع نصفي يمكن أن يتطور ويصبح نوع من أنواع الصرع المزمن ، والغريب في الأمر أني لم استطع أن أعطي إجابات واضحة بما يتعلق بالوضع الحالي ليس نوعاً من التهرب من الإجابة ولكن لأني - ولأول مرة - اكتشف بأني غير قادرة على تحديد الأسباب ، وعلى من ألقي التهمة بسوء أوضاعنا الأمنية والاقتصادية ، فكل طرف كان له دور بارز في ما آلت إليه الأوضاع ، وكل طرف يتحمل المسؤولية مناصفة مع الطرف الأخر ، لأنهم فضلوا المصالح الحزبية على المصلحة الوطنية ، ولأنهم لم يحسبوا ضمن حسبتهم الشخصية الحزبية مصلحة المواطن الفلسطيني العادي الضائع بين حانة ومانة.
آخر سؤال كان يتعلق بالانتماء السياسي ، فقد سألني ما هو الفصيل الذي انتمي إليه ؟
الغريب أنه لطالما عرفت في قرارة ذاتي ما هو فصيلي ولمن انتمي، وإذا سُئلت عنه أرد بكل فخر واعتزاز بأني انتمي لهذا الفصيل ، ولكني لم أراجع ذاكرتي منذ وقت طويل ، وبصراحة شديدة وجدت نفسي تائهة ، غير قادرة على تحديده ، فلقد تغيرت خارطتي كثيراً ، تغيرت أفكاري ومبادئي ، لقد حاولت أن اخرج من الصورة لكي أرى بوضوح ، فمن الداخل لا تستطيع الرؤية جيداً ، لكن عندما تخرج منها ، تبدأ الصورة بالتجلي والوضوح ، وتبدأ تكتشف كم كنت مغفلاً ومخدوعاً بشعارات واهمة واهية ،، لم تكن لدي القناعة الكافية لأقول له ما هو فصيلي ؟؟ واخترت إجابة قد تكون إجابة الضعفاء أو من لا رأي لهم ، أو ربما تكون إجابة العقلاء ، قلت له / " لا انتمي لأي فصيل سياسي !" .
كان هذا آخر سؤال ، قام بشكري على وقتي الثمين (!) وأغلق سماعة الهاتف ، وبقيت مذهولة لبعض الوقت ، ولكن سرعان ما عدت إلى أرض الواقع ، وبدأت في أعمالي المنزلية اليومية ، فلقد اخترت منذ البداية أن لا أتكلم في السياسة !

****

هناك تعليقان (2):

  1. سبحان الله كل ما يخص غزة او فلسطين ككل اجد نفسي انجذب اليه لاني احب كل ما يتعلق بها
    موضوع جيد وكلامك حقيقي فالسياسة مهما حاولنا ان نفهمها تزداد غموضا ولن نصل الى الحقيقة رغم ذلك
    اتمنى لك التوفيق

    ردحذف
  2. تسلمي اختي على المرور والتعليق واهلا وسهلا بكل اهلنا في الجزائر ،، وفعلا السياسة كلما حاولنا الولوج لدهاليزها تهنا أكثر فأكثر , والبعد عنها غنيمة ، ولكن هذا لا يمنع الاقتراب منها ولو قليل لفهم بعض الحقائق الغائبة عنا،،

    ردحذف