الأحد، 18 أغسطس 2013

مصر ، يا رب سلم



# حوليات

(49)

مصر ، يا رب سلم

 
من فترة ليست بالقصيرة وخاصة بعد اشتداد الخلاف المصري – المصري ، قررت التزام الحيادية وعدم الانحياز لطرف ضد طرف ، فكل المصريين على اختلاف مشاربهم السياسية هم إخوة لنا ، ولطالما وقفوا بجانبنا في السراء والضراء ، ورغم اختلافي السياسي مع بعضهم إلا أنني فضلت اتخاذ موقف المتفرج على ما يحدث ، كاتمةً مشاعري وحزني وألمي لما ألَّم بمصر الحبيبة ، فلقد شعرت بأن غالبية المصريين يفضلون حل مشاكلهم الداخلية دون تدخل من أحد وخاصة نحن الفلسطينيين ، فلقد شكلنا حالة خاصة واستثنائية بعد انتشار شائعات تدخل بعض الفصائل الفلسطينية في غزة لصالح جماعة الإخوان المسلمين ، وطبعاً أنتم تعرفون من اقصد ، ولقد فضلت كلمة " إشاعات " لأني كـ امتياز لا املك دليل واحد يثبت تورطهم في الأحداث الداخلية المصرية ، وكل المعلومات التي بحوزتي هي شهادات لمصريين يسكنون على الحدود مع غزة ، ولقد تداولتها الألسنة حتى وصلت لمسمعي ، لذلك لا يحق لي اتهام أحد أو التبرير لأي أحد.

لكن لو قلت بأني حزينة على فض اعتصام رابعة العدوية بالقوة وسقوط المئات من الضحايا ، هل يعتبر هذا تدخل في الشأن المصري ؟! وهل يُعتبر هذا أن ميولي " إخوانية " مثلاً ؟!

لو كان المعتصمين من تنظيم أخر ، لكان موقفي هو هو ، لا يتغير ، فالدماء التي سالت في الميدان هو دم مصري بالأول والأخير في نظري.

عندما احتلت العراق الكويت وكلاهما دولة عربية شقيقة كنت في التاسعة من عمري ، وقد وقفت قيادتنا " الحكيمة " في ذلك الوقت بجانب دولة العراق الشقيق ضد إخوتنا في الكويت الشقيق أيضًا، وماذا كانت النتيجة ؟! كانت كارثية بكل المقاييس وخاصة على الشعب الفلسطيني الذي مازال يعاني من تبعات تلك الوقفة التاريخية ، وأهمها طرد الفلسطينيين من الكويت ومنع دخولهم لها لأكثر من عشرين عامًا.

كان ذلك تدخلاً سافراً – من وجهة نظري –  في الشأن العربي العراقي / الكويتي ، ولو كنت في موقع قيادة أو صنع قرار ، لكنت شُرت على قادتنا بأن يقفوا مع الطرفين وأن يصلحوا ذات البين بين الأشقاء والأخوة.

وهذا ما أتمناه الآن من فصائلنا الكريمة ، أتمنى أن لا يسمحوا للتاريخ بأن يعيد نفسه مرة ثانية وألا يساندوا فئة عن فئة ، وفي نفس الوقت أتمنى ألا يقفوا وقفة المتفرج ، بل يحاولوا على قدر المستطاع مساعدة الأخوة المصريين ورأب الصدع بين الأطراف المتناحرة ، فمصر هي حاضنة القضية الفلسطينية وهي الرئة التي تتنفس منها غزة المحاصرة ، ولطالما كانت لها وقفاتها المشهودة في حقنا ، وأفضالها علينا لا تعد ولا تحصى ، وهم أيضًا أخوتنا وأحباؤنا ، ولطالما كان الشعبين ، الفلسطيني والمصري ، مُتحداً ومتوحداً وكأنه شعبٌ واحد ، ألمه واحد ، فرحه واحد ، يألمون لألمنا ويستشعرون مأساتنا ونحن بالمقابل نشاركهم أفراحهم وأطراحهم.

أتمنى أن تعود اللُحمة الوطنية مرة أخرى في مصر ، وأن يتم تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية والحزبية ، وأن يعود لثورة مصر ، ثورة 25 يناير ، البريق والوهج من جديد.

كما أتمنى من النخب الفلسطينية عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن تتوقف عن مساندة طرف ضد طرف ، وأن يكون خطابهم الثقافي مترفعًا عن الابتذال والسطحية وتذكية نار الفتنة.

وأخيراً .. أدعو الله أن يكشف هذه الكربة ويزيل هذه الغمة عن مصر الحبيبة.

رحم الله الشهداء وكان في عون أهلهم.

مصر يا رب .. يا رب سلم .. يا رب سلم.

****

 

 

هناك 4 تعليقات:

  1. اللهم اكشف هذه الغمه عن هذه الأمة
    الله يحفظ مصر وجميع الدول العربية والاسلامية

    تحياتي :)

    ردحذف
  2. من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، فإهتمامنا بشؤون بعضنا البعض ليس مسموح به وفقط، بل أظنه واجب وفرض. يبقى الفيصل دوما هو كيف أتدخل وكيف يكون تدخلي من أجل الخير والإصلاح، خاصة أن الحقيقة دوما مبهمة حتى على من يعايش الأحداث على أرض الواقع، فما بالنا بمن لا يتابعها إلا إعلاميا في عصر الفساد والضلال الإعلامي؟!
    ..
    كلام محترم جدا أستاذة امتياز ينم عن عقل وحكمة وقلب راغب في الخير، وهذا ليس بجديد فهذا هو ما اعتدناه منك وما اعتدناه في كل كتاباتك.
    نسأل الله الرحمة للجميع، والصبر والسلوان لمن فقد غال أو حبيب، ونسأله الوفاق والإتفاق وأن يؤلف بين قلوبنا وأن يحمي ويحفظ أوطاننا.
    أشكرك.

    ردحذف
  3. شكراً لك على مرورك وتعليقك وكلماتك الطيبة في حقي ..

    وأتمنى أن تنتهي هذه الفترة الأليمة بكل ما فيها وتعود مصر فتية وقوية كما عهدناها دائما.

    ردحذف