الجمعة، 27 يوليو 2012

خمس دقائق وحسب




سلسلة " في بيتنا كتاب "

كتاب " خمس دقائق وحسب .. تسع سنوات في سجون سوريا "

للكاتبة : هبة الدباغ

كانت تسكن بجوار بيتنا فتاة فلسطينية قادمة مع عائلتها من سوريا حيث استقروا في غزة ، وقد نشأت علاقة صداقة بين تلك الفتاة وبين أختي الكبرى ، وذات يوم جلسنا نتجاذب أطراف الحديث ، وطلبنا منها أن تحكي لنا عن سوريا والحياة هناك .. فإذا بالفتاة تصف لنا قسوة النظام السوري في التعامل مع المواطنين والمعارضين له ، وكيف أنه يمنع على الفلسطيني إحضار كتب معه من الخارج وهو داخل إلى الأراضي السورية ، والتشديد عليهم ومراقبتهم المكثفة.. بالإضافة إلى عشرات القصص والنوادر عن الأوضاع هناك وأن الحياة في غزة المحتلة والمحاصرة أفضل بكثير من الحياة هناك في ظل تلك الظروف.

بقيت كلماتها عالقة في ذهني لفترة طويلة ، حتى قرأت ذات يوم عن مجزرة حماة في عهد حافظ الأسد في الثمانينات من القرن الماضي والطريقة البشعة التي تم فيها قتل آلاف البشر لمجرد الاختلاف في الرأي أو المذهب ، وكيف تم تدمير مدينة كاملة وإبادة أهلها لمجرد وجود عناصر " خارجة عن النظام " فيها ، ومعاقبة أهلها أشد عقاب لإيوائهم تلك " العناصر المخربة " من وجهة نظر النظام العلوي الحاكم .

وعندما بدأت الثورة السورية ، لم استغرب تصرفات النظام والشبيحة ضد المواطنين والأطفال السوريين وعمليات القتل البشعة التي مورست بحقهم في مجزرة الحولة وغيرها، فهذا الشبل بشار من ذاك الأسد حافظ !

كل يوم نسمع القصص التي تشيب الولدان وتندى لها جبين الأمة جمعاء ، عمليات قتل ممنهجة وتدمير قرى وبلدات كاملة تحدث هنا وهناك ، دون رادع وكأن الشعب السوري مجموعة خراف ترعى في حظيرة الأسد ، والذي يحق له ذبح من يريد وبالكمية التي يريدها.

ومن هنا بدأ اهتمامي يزداد لمعرفة إبعاد وأصول الحكاية في سوريا ، وطبعا سبيلي الوحيد هو القراءة ، فقرأت قبل فترة كتاب " حيونة الإنسان " للكاتب السوري ممدوح عدوان والآن انتهيت من كتاب " خمس دقائق وحسب " للسورية هبة الدباغ.

وقد هالني ما قرأت في ذاك الكتاب ، الذي هو عبارة عن مذكرات الكاتبة في السجون السورية لمدة تسع سنوات وكل تهمتها أن لها أخ ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وأنه تم اعتقالها لتكون رهينة عند النظام حتى يسلم أخوها نفسه للسلطات.

تحكي الكاتبة عن كيفية اعتقالها وتعذيبها أثناء التحقيق وحبسها في مكان أقرب ما يكون للقبر ، ومقتل جميع أفراد عائلتها في مجزرة حماة ، كما تتناول قصص وحكايات المعتقلات الأخريات وكل حكاية تفزع القلب وتقض المضجع.

حكايات وأسماء نساء تعرضن لأبشع أنواع التعذيب وتهمتهن أنهن أمهات أو زوجات أو حتى أخوات لأعضاء في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين ، وبعضهن لا صلة لهن بالتنظيم ولا جماعته ، ولكن تم اعتقالهن لمجرد الاشتباه أو حتى البلاغ الكاذب بحقهن.

قدمت للكتاب السيدة زينب الغزالي صاحبة كتاب " أيام من حياتي " والتي لا يختلف حالها كثيرا عن حال الكاتبة ، فقد عانت هي الأخرى في السجون المصرية في عهد عبد الناصر لانتمائها لتنظيم الإخوان المسلمين.

الكتاب صدر باللغة الإنجليزية ومن ثم تمت ترجمته للعربية ، وهو في حد ذاته كتاب جيد إلا أن لي بعض المآخذ عليه وهي لا تنتقص من قدره ولكن لو تم الآخذ بها لخرج الكتاب بصورة أفضل وهي:

·        أن هناك الكثير من الأخطاء الإملائية والمطبعية في النسخة الالكترونية.
·        كنت أفضل لو أن الكاتبة استعانت بكاتب مختص وموهوب حتى يخرج لنا الكتاب كقطعة أدبية وليس مجرد كلمات مرصوصة بجوار بعضها بدون لمسة إبداع أو حس أدبي.
·        شعرت في بعض المواضع أن الكاتبة لم توفق في إيصال الصورة أو المعلومة لنا بشكل صحيح وسليم ، كما أنها أخفقت في ربط الأحداث بعضها ببعض حيث شعرت بالكثير من الفجوات بين السطور ، وأدخلتني في دوامة ومتاهة لربط الأسماء بالأحداث وخاصة أن الكاتبة تناولت في كتابها قصص عشرات النساء المعتقلات من هنا وهناك حيث اختلطت الأسماء بعضها ببعض ولم أعد أتذكر قصة كل واحدة منهن بشكل صحيح.

ورغم تلك المآخذ إلا أن الكتاب يستحق القراءة ، فهو توثيق لفترة خطيرة في التاريخ السوري المعاصر ، ولقد شجعني هذا الكتاب لقراءة كتاب أخر وهو " القوقعة " للكاتب السوري المسيحي مصطفى خليفة يتحدث فيه الكاتب عن اعتقاله من المطار أثناء عودته من الخارج ، والتهمة: الانتماء إلى الإخوان المسلمين !!!


لتحميل نسخة من الكتاب .. اضغط هنـــــــــــــــــا

 *****






هناك 8 تعليقات:

  1. مساء الخير امتياز
    قرأت كتاب القوقعه قبل اشهر ... مؤلم جدا بتفاصيل موجعه عن الاعتقال بدون اي ذنب يذكر ولولا اني سمعت قصصا كثيره في الواقع لحالات مشابهه لما صدقت الكثير من تفاصيله ...
    كتاب رائع لا تستطيعين تركه قبل ان تنهيه ...بالرغم من كل الالم الذي يحتويه و القهر الذي يتركه فيكِ بعدها !

    ردحذف
  2. اللهم اغفر لنا تقصيرنا في حقهم، و لكن ليس باليد إلا الدعاء و نسأل الله العفو و العافية :'(

    ردحذف
  3. قصص القهر والتعذيب في السجون موجودة بكثرة في معظم السجون العربية .. وهذه هي سنة من يتشدقون بالديمقراطية و استيعاب الآخرين .
    لقد سبق وقرأت كتاب " أيام من حياتي " ل زينب الغزالي وقد أوجعني الجرح الدامي في كل حرف وستكون لي فرصة من خلالك لأقرأ كتاب هبة الدباغ.
    أشكرك امتياز على هذه الروح الطلعة و هذا التقرير الملخص لحال
    النظام السوري
    لقد منحتينا رؤية متميزة للكتاب

    ردحذف
  4. فلسفة الأحتواء بالقوالب الفكرية هي سياسة قهرية تمارسها كل الأنظمة القمعية سواء كانت بمنطقتنا العربية او بسواها من ارجاء المعمورة . وهي حالة عهدناها وعلى حد سواء لاتمايز فيها بين يسار ويمين ولابنظام اشتراكي او رأسمالي ولاحتى بأنظمة تحمل راية الحكم تحت مسميات اسلامية لامجال للخوض فيها فكلنا نعرفها وبالمختصر المفيد هي حالة استعباد فكري واسترقاق قهري للأفكار تصل لحد التصفية الجسدية . هذا هو حال الارهاب الفكري الذي ينتج عن حالة رفض الفكر الأخر خوفا منه للوصول لمرحلة الأحلال الفكري نتيجة النضوج السياسي اي كان شكله واي كان محيطه وهذا ناتج عن العقيدة الفوقية الأستبدادية للأنظمة التي تستظل منطقتنا بظلها منذ مراحل ماقبل الأستقلالات الشكلية التي حضينا بها وتغنينا بأناشيدها الوطنية على مر عقود وعقود والنتيجة وجدنا أنفسنا بمرحلة متقدمة نعاني من انزلاقات في دهاليز مظلمة لانعرف لها بداية او نهاية وخاصة بعد ان دخلنا مرحلة اندثار الأيدلوجيات الثورية او التي كنا نعتقد انها ثورية في حينها وكانت هي الأخرى ساحات لممارسة العقيدة التي اسميناها الأحلال الفكري او بشكل اصح الارهاب الفكري ورفض الفكر الأخر .
    أذن لاتستغربوا ابدا ممارسات النظام السوري او غيره من الأنظمة
    فكلها تعلمت ابجدية اصول الحكم من مستبد واحد اسمه دكتاتورية العسكرتارية المقيته وهي من مخلفات سياسات استعمارية ورثها لنا عبر شخوص كنا نعتقد انها رموز التحرير بمراحل موغلة ببداياتنا الوطنية وعليه أن اردنا التحليل المنطقي لما الت اليه حال الأمة لابد وان نعود لنصحح بداية مسار ونقطة البداية لابد وان تبداء من منطق الأدراك بعقولنا لابشخوص انظمتنا وحكامنا
    لاننا مازلنا نتوارث ونورث تلك الجينات لأجيال وأجيال .
    واخيرا مازلت اقف بكل احترام امام المقولة التي تقول بأن أكثركم حرية هو نفسه أكثركم استعبادا للمبادء التي يحملها وينادي بها ...........

    ردحذف
  5. متهيألي أن الكاتبة سردت قصة حدثت وتحدث مئات وربما آلاف المرات.. كل ما هنالك أنها استطاعت ان تحكي
    ومن رأيي لو اتيحت الفرصة للجميع سنجد آلاف الكتب تحوي نفس التفاصيل المقيتة

    ربنا يقويهم وينصرهم

    ردحذف
  6. قرأت قبل ذلك كتاب أيام من حياتي مؤلم جدا واستغربت لهول ما قرأت فيه وان شاء الله اقرأ كتاب خمس دقائق وحسب ...شكرا لك
    تحياتي وكل الود

    ردحذف
  7. للفكاهة .. أقول أختي امتياز ..
    كنت موظفاً في وزارة الأوقاف السورية ..
    وعندما أتى كتاب تعييني كان نص الكتاب أنني أعين بوظيفتي وكيلاً لمدة شهرين وبالحد الأدنى من راتب الوظيفة ..
    واستمر عملي في الوزارة نفسها لمدة ثمانية عشر سنة ..
    دمت بألف خير ..
    التوقيع : ظلالي البيضاء

    ردحذف
  8. سعيدة بمروركم وتعليقاتكم ..

    واعذروني للتقصير في الزيارة وفي الردود ..

    ردحذف