الأحد، 29 يوليو 2012

خوف



خوف

" قصة قصيرة "

في طريق عودتهم من المدرسة .. مر أحمد وصديقه وائل من أمام الملعب الترابي القريب من الثكنة العسكرية الصهيونية  .. رأوا بعض الفتية وهم يلعبون كرة القدم .. اقترح وائل على صديقه الانضمام إليهم .. تردد أحمد قليلاً ولكنه قبل في النهاية طالباً من صديقه عدم التأخر في العودة للمنزل .. خوفاً من غضب والده.

-         مرر الكرة بسرعة .. هيا !
-         لا أستطيع .
-         لماذا ؟
-         أخاف على الحذاء الجديد ، أخاف أن أتلفه فيغضب مني والدي .
-         أوه .. حسناً .. ضعه من قدمك ، والعب بدونه .
-         حسناً.

حاول أن يلعب .. لكن الكرة أبت أن تأتي إليه .. حاول أن يلاحقها من هنا وهناك .. ولكنها لا تأتي .. انتظر قليلاً لعلها تكون من نصيبه هذه المرة.

علّت صيحات الفتية ، واختلطت الأصوات .. لم يسكتهم سوى وابل من الرصاصات التي اخترقت عالمهم من الثكنة العسكرية القريبة من الملعب ..

صمتوا وانتظروا .. وسرعان ما هربوا من الملعب بعد أن رأوا الرصاصات تغوص تحت أقدامهم في التراب ..
بعضهم خاف .. والبعض الآخر بدأ في الضحك .. هربوا بسرعة من الملعب .. ورصاصات العدو تلاحقهم ..

-         انتظر ..
-         انتظر ماذا ؟
-         لقد نسيت حذائي .
-         إذن ؟!
-         سوف أعود واحضره .
-         هل جننت ؟
-         أخاف أن يوبخني والدي إذا عدت إلى البيت حافياً بدون حذائي الجديد.
-         دعك من الحذاء الآن .. لنهرب قبل أن تصيبنا تلك الطلقات..
-         لا .. سوف اذهب لأحضره ..وأعود سريعاً .. انتظرني هنا.

لم ينتظر رد صديقه .. أسرع بخطواته نحو الملعب .. يتسارع في داخله الخوف من الرصاص والخوف من والده.

لم يعبأ بالرصاص .. ظل فكره مشغولاً بالعقاب الذي سوف يحل عليه إن عاد إلى البيت بدون الحذاء.

اقترب أكثر فأكثر .. التقط حذائه .. وقبل أن يهم بالعودة .. وقع على الأرض مضرجاً بدمائه .. نظر إلى صدره وإذا بالدماء تغطي قميصه .. أسند رأسه على الأرض .. شعر بالبرودة تجتاح جسده الصغير .. وقال قبل أن يغمض عينيه للأبد:

سوف يغضب والدي كثيراً .. لأني لطخت قميصي الأبيض بالدماء !


*****



هناك 19 تعليقًا:

  1. كم هي مُبكية برائتهم ,,

    و كم هو ظالم جلادهم

    بارك الله فيكي أختي ,, قصة مؤثرة ,,

    بوركتي و بورك نبض قلمكـ

    ردحذف
  2. قصة مؤثرة وحزينة
    تبين عمق المأساه التى يتكبدها
    الشعب الفلسطينى للعيش على
    أرضه بسلام كغيره من شعوب الأرض

    ردحذف
  3. خوف

    اسم مناسب جدا بل هو تنافس في القوة بين خوفين
    خوف من شيء يومس مجرب والآخر خوف من مجهول لم يجربه شخصيا بعد
    قصة لها بعد نفسي وتربوي وفيها إشارة لبراءة الأطفال وسطحية تفكيرهم ...

    أول مرة أقرأ لك قصة قصيرة
    أمتعني التواجد هنا

    ردحذف
  4. كل عام وأنتم بخير

    رمضان كريم

    ربنا يزيل عنا غمة الصهاينة !!

    تحياتي

    ردحذف
  5. لا اله الا الله
    رائـعه كالعاده :(
    ربنا ينصرنا جميعا يـارب

    ردحذف
  6. مبارك قلمك ومبارك حرفك حين يصور ملاتصوره الكاميرات وشرائط أخبار الأعلام المسيس التي تتستر على القهر الذي يعاني منه شعبنا الفلسطيني لأجيال وأجيال . وهنيئا لشعب ربى ومازال يربي ابنائه على الدفاع عما لهم وما العيب فلقد قالها من قبله عبد المطلب جد الرسول (ص) حين ذهب يطلب أبله من أبرهة الحبشي وقال له جئت أطلب ابلي اما البيت فله رب يحميه .
    وهذا حال صبينا وخوفه فعاد يطالب بحذائه وما وطىْ فهما حق له وعلم أنه سوف يسأل عنهما فعاد لطلبهما بشجاعة يسميها البعض خوف ولكنه خوف مقرون بشعور بالمسؤلية ...
    اللهم ارحم ضعفنا وقلة حيلتنا واجرنا يامجير ..........

    ردحذف
  7. قصة قصيرة مؤثرة جداً
    هذا عالمهم صغارنا وخوفهم
    اللهم اربط على قلوب إخواننا المسلمين في كل مكان
    اللهم واعززهم بجنود من عندك وانصرهم على من ظلمهم واعتدى عليهم
    حسبنا الله ونعم الوكيل

    ردحذف
  8. رائعة بحجم الوجع فيها

    تسلم إيدك

    ردحذف
  9. صباح الورد

    حزينة طفولتهم وتكاد تكون معدومة فما بين رصاص

    وعدو فاحش ضاعت طفولتهم ولم يبقى إلا رجال موسومون

    بالبراءة التي بقيت برغم نضجهم المبكر ...

    قصة مؤلمة تحكي واقع مرير لم يستوعب العرب حتى حجم الكارثة

    الذي يرزح تحتها الفلسطينيون ....

    تحياتي وإحترامي

    ردحذف
  10. قصة..بل واقع صورتيه و وصفتيه بكلمات رائعة و معبرة..كل التحية

    ردحذف
  11. امتياز كلك امتياز
    قصة فيها اسقاط عميق لكل مايدور حول النشأ
    تارة من اقرب المحيطين بهم
    وتارة من ابعد المحيطين حبا وامانا

    ردحذف
  12. السلام عليكم...
    قصة رائعة وتصويرك للمشاهد فيها تم بحرفية شديدة.. شعرت وكأني أرى الأحداث أمام عيناي..
    جميل أن أعود غلى هنا لأقرأ هذه القصة الجميلة..
    تقبلي خالص تحياتي...

    ردحذف
  13. صعبة قوى

    اللهم أعنا

    تحياتى للقلم المبدع

    ردحذف
  14. قصة مؤثرة جدا وأكثر من رائعة بارك الله فيك

    ردحذف
  15. كلمات سريعة..قصة قصيرة..لكنها ومثيلاتها يوقعن الكثير في داخل(سارة)..
    تصوير سريع حقيقي أيضا لحياة الطفل الفلسطيني ولما يعتاشه..
    هذا مروري الأول على مدونتك وأتمنى ألا يكون الأخير من نوعه..
    أدعوك لمتابعة ثرثرتي مع المساء في:
    مدونة ثرثرة المساء http://sarataherlulu.blogspot.com/

    ردحذف
    الردود
    1. اهلا وسهلا بك سارة ..

      لقد زرت مدونتك من قبل وان شاء الله لي زيارة أخرى .. كيف ولا وأنت أخت العزيزة مريم ..

      بالتوفيق دائما وابدا صغيرتي ..

      حذف
  16. سعيدة لأن القصة قد نالت اعجابكم .


    واعذروني للتقصير في الزيارة وفي الردود ..

    ردحذف
  17. صباح الغاردينيا إمتياز
    هذا هو حال كل طفل سرقت منه طفولته دون وجه حق
    ماأصعب ماقرأت "
    ؛؛
    ؛
    لروحك عبق الغاردينيا
    كانت هنا
    Reemaas

    ردحذف
  18. :)
    بدموع الامل والرجاء نودع



    شهداءنا وبكل الألم نبكي لفراقهم
    تسلمى ويسلم قلمك

    ردحذف