# حوليات
(72)
في بيتنا كتاب
لو يظمأ السفر لـ / سمية
وادي
هو الديوان الأول للشاعرة الفلسطينية الشابة سمية عصام وادي وهو
أكثر من رائع بالنسبة لشاعرة شابة في مقتبل العمر.
لغتها جميلة وعباراتها منتقاة وسلسة بالإضافة إلى تنوع
مواضيعها.
ولقد أعجبتني غالبية النصوص الشعرية الخاصة بها ، فقصائدها
يفوح منها عبق الرومانسية والرقة.
وقد حضر الكاتب كريم الشاذلي حفل توقيع ديوانها وقال عنها :
" ثم كان الموعد مع شاعرة شابة لم
تبلغ العشرين من عمرها، كان حلمها أن تكتب ديواناً، وتُكرّم قبل أن تدخل عقدها
الجديد، وقبل أن تبدأ فقرتها وإذ بالقاعة تضجّ في البكاء.. لقد أتانا خبر استشهاد
الجعبري، ذلك الرجل المحبوب الذي بكته كل أحداق الفلسطينيين، في مثل هذه الأحوال
تأتي الأوامر بإخلاء التجمعات الكبيرة، إلا أن المدهش أن كل من في القاعة رفض أن
يخرج إلا بعدما تلقي هذه الشابة قصيدتها وتحقق حلمها، أبوا جميعاً أن يكسروا قلب
فتاة قد اقتربت من ملامسة حلمها، حبس الجميع صوت نهنهاتهم وأنصتوا، وإذا بالفتاة
ترتجل شعراً عن البطل الشهيد الجعبري، فتأتي على البقية الباقية من أفئدة
الموجودين".
من القصائد التي أعجبتني كثيراً:
قصيدة تغريبة الليل ..
أخاف الطريق وأكرهُ
أن أتبع الظل
وقت المساء
أخاف السكوت
يشق ضلوعي
يحاول أن ينفض الشوق عني
ويتركني في صدى الكبرياء
أخاف الضحايا ،
لهم قهوةٌ لا تمل المرار
وخاطرهم لا يمل النزيف ،
وشمعتهم لا تمل البكاء
أخاف الشوارع ،
كم ميتٍ يرتدى النبض قهراً
يريد الرحيلَ ،
ولكنه ضل وجه السماء !
أخاف الرجوع ،
لئلا تعاودني الذكريات
أخاف التقدم
كي لا تفاجئني الأمنيات
أخاف الوقوف ،
فأي الجهات ستحملني لأعيد
استلام مكاني !؟
وأظهر فوق السحاب طليقاً
كما الحلم شاء !
أخاف الزمانَ ،
يشرّحني بين حدي كتابٍ
ويكتب فوق الغلاف بدمي
فصلاً جديداً من
(البؤساء)
****
قصيدة وحدي معك ..
أنا سابحٌ ،
لا ليل لي حين استفاق الحب خلسه
رقد السبات على الموائد،
وابتدا بالسهد درسه
ورأى انكساراً في عيون الوقتِ
كيف يخون نفسه!؟
ويجيء يحمل
فوق رف العمر والأحلام
رمسه
أنا خفقةٌ ،
في الريح لم تصدق سواد الطرف
حدسه!
بين احتمال البعد والقرب
ارتجافٌ ، لم اجسَّه
لا برد لا حر
استراح الليل ،
ثم أجن شمسه
أوَ تغرق الشطآن حين تعيرها كفاك
همسه !؟
ماذا فعلت بيومه ،
قلب المنى وأعاد أمسه
وجهات هذي الأرض خمسه
لا ليل لي لا صبح لي ،
مر الزمانُ ولم أحسه
حين ارتجفتُ وعدتُ أبحث
عن مدىً يستلُ بأسه
صرخت به ليلى
ليُحيي من رماد الأرضِ
قيسه
شكراً لمن مد الهوى
في ليلي القاسي ودسّه
***
وقصيدة عادات الأسى..
تبت يا وطني المأساةُ
ضحكت للشعراء فـ ماتوا !
يدعون الحب على وجلٍ
كي لا تقذفه الشرفاتُ
ويُراؤون رحيق حياةٍ
تخنقه في القلب حياةُ
ما بين الراحة والهم
مماتٌ لا يحصيه مماتُ!
يصرخ : ما جدوى قافيتي!؟
والزيفُ لهيبٌ وسراةُ
عوّدنا الحب على الصمتِ
وأن تُخنق فيه العبراتُ
إن وجدَ العشاقُ سروراً
أضحوا أحياء وما باتوا!
من أجل الأرض تدفئهم
بالحزن ، ودمهم مشكاةُ
وعويلُ الليل يحاصرهم
والصبح سكوتٌ وسباتُ
عودنا الصمتُ على الحزنِ
وغارت من فمنا الضحكاتُ
واستعذبناه ولم نفتر
نزرعه وبنا يقتاتُ
وحدي والكونُ معي يرثي
وحدته ، والجمعُ شتاتُ
والسيل سكونٌ وتوجسُ
إعصارٍ ، والبحر فراتُ
عودنا الحزنُ على الشعرِ
فما تجدي فيه السكناتُ
وأنين الأرض ورقتها
وحنينٌ وهوى وشكاةُ
عودنا الشعر على الحب
وإن بعدت كتبٌ ودواةُ
لو غاضت روحٌ فسنحيا
وستنطق فينا الكلماتُ
لا تبأس ، رباك الليلُ
وآبُ ، وأيلولُ وفلاةُ
لا تبأس ، فالحلم قصيرٌ
ثم تزول به العثراتُ
كم يزهو الورد وكم يحلو
لو طالت فيه الساعاتُ
لا تبأس ، فالأرضُ تنادي:
"عاش العشاقُ ولو ماتوا"
****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق