# حوليات
(92)
في بيتنا كتاب
الإسلام بين الشرق والغرب
لـ / علي عزت بيجوفيتش
بدأت في قراءته مع صالون الجمعة قبل فترة طويلة ، وهو من الكتب
التي تمنيت قراءتها لكثرة الحديث عنها ، وقد انقطعت عنه لفترة
أطول ثم عدت لاستكماله حتى انتهيت منه أول أمس.
بدأ الكتاب بمقدمة طويلة من المترجم ، شعرت بأن المقدمة مهمة
ولكنها للأسف جعلتني أهاب الكتاب نفسه وتخيلت أني لن استمتع بالكتاب وأنه سوف يكون
معقداً وصعباً ، لذلك قرأت مقدمة المسيري – والتي تم إدراجها في طبعة أخرى غير
التي معي – حتى افهم الكتاب قبل الدخول فيه ، وبصراحة شديدة ، ليتني قرأت الكتاب
بدون مقدمات ، فالكتاب لغته واضحة وسلسة ولا تحتاج لمقدمة ولا شروح.
في بداية الكتاب ، استمتعت بالقراءة وبدأت في جني الكثير من
الاقتباسات ومنها :
الحيوان كائن بريء ،
بدون خطايا وهو محايد من الناحية الأخلاقية كأنه شيء من الأشياء ، أما الإنسان
فليس كذلك أبداً.
لو كان الإنسان ببساطة أكثر الحيوانات كمالاً ، لكانت
حياته بسيطة خالية من الأسرار ، لكنه ليس كذلك ، إنه دودة الأرض وابن السماء.
يكون الحيوان خطيراً
عندما يكون جائعاً أو في خطر، أما الإنسان فيكون خطيراً عندما يشبع ويقوى. وكثير
من الجرائم تُرتكب بسبب الشبع والعبث.
كان محققو محاكم التفتيش في الماضي يزعمون أنهم
يحرقون الجسد لكي ينقذوا الروح أما المحققون المعاصرون فإنهم يفعلون العكس "
يحرقون " الروح بدلاً من الجسد.
إن ضيق أفق الإنسان
يتجلى أكثر ما يكون في اعتقاده بأنه لا يرى أمامه لغزاً.
الحضارة تُعلِّم أما الثقافة فتُنور ، تحتاج
الأولي إلى تعلم, أما الثانية فتحتاج إلى تأمل.
وبعد توقف طويل عن القراءة ، عدت ولكن بنوع من الفتور ، فلقد
بدأ الكتاب يأخذ منحى أكثر جدية وأكثر تخصصًا ، وبدأ يتطرق لمواضيع وشخصيات لم
اقرأ عنها شيئًا مما سبب لي نوعًا من التشويش وعدم قدرتي على فهم الفكرة التي
يحاول أن يوصلها لي الكاتب ، والذي للأمانة الأدبية والعلمية يعتبر موسوعة ثقافية
فكرية متنقلة ، فهو أبهرني من خلال كتابه بكمية الكتب التي قرأها والمعلومات
والخلفيات الثقافية التي يفقهها.
وهنا عدت مرة أخرى لجني المزيد من الاقتباسات ، منها:
الإنسانية هي التأكيد
على الإنسان باعتباره كائناً حراً مسئولاً . ولا شيء يحط من قدر الإنسان أكثر من
الإدعاء بعدم مسئوليته.
التعليم وحده لا يرقى بالناس ولا يجعلهم أفضل
مما هم عليه أو أكثر حرية، أو أكثر إنسانية. إن العلم يجعل الناس أكثر قدرة، أكثر
كفاءة، أكثر نفعًا للمجتمع. لقد برهن التاريخ على أن الرجال المتعلمين والشعوب
المتعلمة يمكن التلاعب بهم بل يمكن أن يكونوا أيضًا خدامًا للشر، ربما أكثر كفاءة
من الشعوب المتخلفة.
إن الدين الذي يريد أن
يستبدل التفكير الحر بأسرار صوفية، وأن يستبدل الحقيقة العلمية بعقائد جامدة،
والفعالية الاجتماعية بطقوس، لا بد أن يصطدم بالعلم. والدين الصحيح - على عكس هذا -
فهو متسق مع العلم ، وكثير من العلماء الكبار يسود عندهم الاعتراف بنوع من الوحدانية
، وفوق هذا يستطيع العلم أن يساعد الدين في محاربة المعتقدات الخرافية ، فإذا
انفصلا يرتكس الدين في التخلف ويتجه العلم نحو الإلحاد.
إن لكل إنسان قَدَرُه ، والتسليم بهذا القدر هو
الفكرة النهائية العليا للإسلام.
إن الإسلام لم يأخذ اسمه
من قوانينه ولا نظامه ولا محرماته ولا من جهود النفس والبدن التي يطالب الإنسان
بها، وإنما من شيء يشمل هذا كله ويسمو عليه: من لحظة فارقة تنقدح فيها شرارة وعي
باطني ، من قوة النفس في مواجهة محن الزمان ، من التهيؤ لاحتمال كل ما يأتي به
الوجود ، من حقيقة التسليم لله ، إنه استسلام لله ، والاسم إسلام.
هذا الكتاب مرهق فكريًا وذهنيًا لقارئة عادية مثلي ، لكنه
بالتأكيد مرجعًا مهمًا لأصحاب التخصص في الفكر والفلسفة وعلم الاجتماع ، والمهتمين
بهذا المجال.
هل نادمة على قراءته ؟ أبداً ، فلقد استمتعت بجزء كبير من
الكتاب وكان فرصة جيدة للتعرف على الكُتاب الغربيين المسلمين ، وربما أكرر التجربة
مرة أخرى ، من يدري ؟!
*****
لم أكن أتوقع أن الرئيس علي عزت يحمل كل هذه الفلسفة والتي أظلها بظل الإسلام والعقل الصحيح والمنطق الحق.. إلا بعد أن اطلعت على الكتاب بعد أن عرض له الدكتور محمد العوضي في أحد برامجه قبل سنتين..
ردحذفلك تحياتي بما تتحفينا به من فوائد..