# حوليات
(122)
في بيتنا كتاب
غزة – أريحا المأزق والخلاص
لـ / عبد القادر ياسين
هذا الكتاب غيَّر مفاهيم كثيرة كنت أؤمن بها ، فتَّح عيوني على
أشياء لم أكن اعرفها أو حتى افهمها ، لكني بحاجة بالتأكيد لكتب أخرى حتى تؤكد لي
وجهة النظر التي تبناها الكتاب والتي أثرت في تغيير وجهة نظري أنا أيضًا.
المزيد من الكتب ، والتي تتعلق بنفس الموضوع لكن من وجهات نظر
مختلفة ، هي ما احتاج إليه في هذه المرحلة.
هذا الكتاب لا يعتبر هجوم لمجرد الهجوم على اتفاقية أوسلو –
واشنطن أو اتفاقية عرفات – رابين أو حتى اتفاقية غزة – أريحا أولاً ، سمه كما يحلو
لك عزيزي القارئ حسب توجهاتك السياسية والإيديولوجية.
فالكاتب هنا يسوق لك بالأدلة والبراهين وإعمال العقل ما كان من
قيادة منظمة التحرير ، وأسباب توقيع هذه الاتفاقية المشئومة ، وما آلت إليه الأمور
بعد التوقيع ، ورغم أن الكتاب قد خرج للنور بعد مضي عام على الاتفاق إلا أن الكاتب
استطاع أن يستشف المستقبل البعيد ، فنحن – بعد مرور عشرين عامًا – لم نزل نعاني من تبعات ذلك الاتفاق الذي جاء
ضبابيًا غير مفهومًا ، كان الهدف منه الخروج من الوضع الراهن بأقل الخسائر الممكنة
حتى ولو كان على حساب الثوابت الفلسطينية.
كنتُ اعتقد فيما مضى ، أن معارضي هذا الاتفاق هم أصحاب الأحزاب
والحركات الدينية مثل حماس والجهاد الإسلامي ولم أكن أدري أن أصحاب الفكر الشيوعي
واليساريين هم أيضًا من المعارضين ، وكلا الطرفين يسوق أسباب معارضته بما يتوافق
مع أفكار حركته أو حزبه.
وقد استطاع أبو عمار – حسب ما ذُكر في الكتاب – أن يصور
للطرفين هذا الاتفاق بما يتوافق مع إيديولوجياتهما ، فكان يُشبهه للمتدينين بصلح
الحديبية الذي عقده الرسول صلى الله عليه وسلم مع قريش ، ويُشبهه لليساريين بصلح
بريست الشهير.
وقد صاحب هذا الاتفاق موجات من الرفض والاستنكار والتخوين
أحيانًا وخاصة في أوساط السياسيين والمثقفين أما بالنسبة لعامة الناس والبسطاء ،
فلقد جاء في نظرهم كانتصار للانتفاضة " انتفاضة الحجارة " وعودة بعض
أراضيهم المحتلة من الكيان الإسرائيلي!
لكن الحقيقة المفزعة أن المستفيد الأكبر من هذا الاتفاق هو
إسرائيل نفسها وبعض الدول العربية التي أرادت إقامة علاقات اقتصادية وسياسية مع
إسرائيل تحت غطاء شرعي مقبول ، وقد حانت لها الفرصة بعد أن وقع الفلسطينيون أنفسهم
اتفاقية سلام مع العدو ، والوحيد الذي خسر هو الشعب الفلسطيني للأسف.
ولقد دافع أبو عمار عن نفسه بعد اتهامه بالخيانة والتفريط وقال
بأن لديه هو أيضًا اعتراضاته على الاتفاقية ولكنه حمل العرب والوضع الدولي ما آلت
إليه الأوضاع وأنه اضُطر أن يقبل بهذه الاتفاقية بشروطها المجحفة.
وكما يقول سميح القاسم في إحدى المقابلات: "مساحة ما
أُعطِي لشعبنا في أوسلو أقلّ من مساحة الدم الفلسطيني الذي سُكب. دمنا أوسع من
أوسلو".
عمومًا الكتاب شامل لجوانب كثيرة من قراءة وتحليل لاتفاق أوسلو
لكن عيبه الوحيد أنه لم يضع حلول عملية بديلة للخروج من هذا المأزق.
اذكر أني قرأت ذات مرة أنه عندما سُئِلَ أحد أبطال توقيع هذه
الاتفاقية عنها ، بعد مرور عشرين عامًا على توقيعها قال: " لقد ماتت أوسلو
منذ زمن ، فلماذا الحديث عنها الآن ؟! ".
لكن هل فعلًا ماتت اتفاقية أوسلو ، ولو سلمنا بذلك ماذا نقول
عن تبعاتها التي ما زلنا نعاني منها حتى الآن؟!
ملاحظة :
اقرؤوا الاقتباسات بتمعنٍ وتأنٍ.
*****