هل سمع أحدٌ منكم عن الأدب الإسلامي ؟؟ لقد سمعنا عن الأدب العربي والأدب الجاهلي ، والأدب الغربي ،،، الخ الخ ، لكن أدب ، وإسلامي !! يبدو أنها معادلة صعبة ؟ لا ، هي ليست كذلك ، فالمعادلة سهلة وبسيطة ، ولنعد إلى البداية،،
امتاز العرب في العصر الجاهلي بامتلاكهم فنون الأدب المختلفة من شعر ونثر وخطابة ، فهم أهل الفصاحة والبلاغة ، وعندما جاء الإسلام ، اهتم بهذه الفنون وسخرها لخدمة الدعوة الإسلامية ، ونذكر هنا أنه عندما نزلت الآية : "والشعراء يتبعهم الغاوون" ذهب كعب بن مالك رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله: ما ترى في الشعر؟ قال عليه السلام: " إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه» ، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً أنه قال: " إنما الشعر كلام مؤلف، فما وافق الحق منه فهو حسن، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه "، وقال: " جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم"، وبالتالي نصل إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حث على استخدام الشعر وغيره في سبيل الدعوة إلى الإسلام واعتبرها نوع من أنواع الجهاد ، وكلنا نعرف حسان بن ثابت شاعر الرسول والذي وظّف الشعر في خدمة الدين ، وهذا جزء من قصيدة مشهورة له:
إن الذوائب من فهر وإخوتهم قد بيَّنوا سنة للناس تتبع
يرضى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع
إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
يرضى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الذي شرعوا
قوم إذا حاربوا ضروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سجية تلك منهم غير محدثة إن الخلائق فاعلم شرها البدع
إن كان في الناس سباقون بعدهم فكل سبق لأدنى سبقهم تبع
( تذكرني بقصيدة ستون عاما ما بكم خجل للشاعر تميم البرغوثي لأنها على نفس الوزن)
هكذا بدأ الأدب الإسلامي بالشعر والخطابة ثم تطور ليضم تحت مظلته أنواع أخرى مثل القصة والرواية والمسرح والأناشيد وغيرها الكثير.
إن الأدب الإسلامي هو أدب ملتزم له هدف وغاية نبيلة جادة كما أنه يتسم بالواقعية ، وهو أدب ايجابي وحيوي ومتطور ، كما أنه يدعو إلى قِيَم ربانية ويحمل نزعة إسلامية ، وذو مفهوم فكري إسلامي يتميز عن غيره من الآداب بالمحتوى الذي يدعو إلى الفضائل والأخلاق الحميدة وإلى الخير والعمل الصالح .. الخ .
لقد أصبحنا اليوم نتحدث عن آداب إسلامية وفنون إسلامية وأناشيد إسلامية ، وهذه بادرة خير بأننا نسير نحو الأدب الملتزم، حيث يتم توظيف الشعر والقصة والرواية والمسرح في التعريف بالإسلام وفي الدفاع عن قيمه ومبادئه أمام تيارات الإلحاد والكفر ، حيث أن كل أدب يدعو إلى نشر الرذيلة أو الفكر الملحد مهما بلغ من درجات الرقي من حيث الإخراج والحبكة الفنية فهو أدب ساقط ناقص.
وليس المقصود بالأدب الإسلامي فقط الدعاء والتسبيح ومدح الرسول " ص " والتغني بأمجاد المسلمين وفتوحاتهم وانتصاراتهم ، بل تعدى ذلك ليشمل جميع نواحي الحياة المعاصرة ، وآفاقه لا حدود لها فهي تشمل جميع القضايا الإنسانية من مشكلات وعلاقات وسلوكيات وروحانيات وانفعالات ، شأنه شأن باقي الآداب الأخرى إلا أنه يتميز عنها بأنه أدب محترم.
وبذلك يكون الأدب الإسلامي " من وجهة نظري " /هو كل أدب تخطه يد أديب مسلم ملتزم ولا يخل بالضوابط الشرعية الإسلامية.
ولابد لنا من التفريق بين مصطلح الأدب الإسلامي ومصطلح أدب العصر الإسلامي ، فالأول لا يحده مكان ولا زمان ، أما الثاني فهو يختص بأدب ظهر في عصر محدد.
وقد أصبح للأدب الإسلامي رواد كُثر من أمثال الكاتب علي أحمد باكثير ، و د. نجيب الكيلاني وغيرهم من الكتّاب المسلمين الملتزمين الذين ساهموا في انتشاره وتوسعه، يقول د. حامد أبو أحمد في " الأدب في خدمة الدعوة " : " وإذا كنا ندعو إلى توسيع الرؤية بحيث تشمل نقاط الاتفاق والاختلاف وتسمح بمد مظلة الأدب الإسلامي إلى كل أدب صادر عن حس إنساني راق وبقلم أديب مسلم، فإننا ندعو كذلك إلى دعم كل اتجاه يؤكد ويدعم كل ما كان للعرب والمسلمين من أثر فعال في الثقافة الإنسانية. وهذا الاتجاه يحظى بانتشار عالمي حاليا، ويكفي أن كثيرين من المهتمين بالثقافة الإسلامية صاروا يؤلفون فيه الكتب بكل لغات العالم."
ليس بالضروري أن يكون الأدب الإسلامي بمعزل عن باقي الآداب أو منغلق على نفسه بل على العكس لابد لأنه من الاختلاط بالثقافات الأخرى , يقول د. نجيب الكيلاني في" مدخل إلى الأدب الإسلامي: "ولقد ضرب أسلافنا الإسلاميون العظام أروع المثل حينما لم يحجموا عن قراءة تراث الحضارات القديمة، وسهروا على النظر فيه، وترجمته ونقده، والرد عليه سواء أكان إغريقياً أم هندياً أم فارسياً.. فنحن- قديما وحديثاً - جزء من هذا العالم الكبير من حولنا، أعطيناه الكثير، وتبادلنا معه الخبرات والثقافات، وهذه سمة رائعة من سمات الحضارة الإسلامية الخالدة، التي تغذت بلبان الإسلام وترجمت بصدق عن فكره وروحه".
على الأديب المسلم أن يحمل رسالته على كاهله ، وأن يعبر عن واقع أمته بكل شفافية وموضوعية ، وينقل للعالم أجمع فكر وعقيدة هذه الأمة ، وأن يناقش قضاياها ، ايجابياتها وسلبياتها ، ويبحث في مشكلاتها ويضع لها الحلول المناسبة في ضوء الشريعة الإسلامية ، وهذا ليس بالأمر الهين بل يحتاج إلى جهد وعزيمة وثبات ، وأخيراً هذا غيض من فيض النماذج المشرّفة من الأدب الإسلامي الملتزم:
ديوان رياحين الجنة عمر بهاء الدين الأميري
ديوان البوسنة والهرسك شعراء رابطة الأدب الإسلامي العالمية
رواية اليوم الموعود د. نجيب الكيلاني
رواية لن أموت سدى للكاتبة جهاد الرجبي
رواية العائدة سلام إدريسو
مسرحية محكمة الأبرياء د. غازي طليمات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق