الأحد، 10 أكتوبر 2010

وين راحت الهوية !! ( قصة قصيرة )





وين راحت الهوية !! 
( قصة قصيرة )

استيقظ أبو محمد على صوت منبه الجوال ، ليعلن أن الساعة السابعة صباحاً قد حانت ، ألقى أبو محمد الشرشف الذي وقع على الأرض ، وقام مسرعاً إلى الحمام ، ارتدى ملابسه على عجلةٍ من أمره ، ووقف أمام المرآة يسرّح ما تبقى في رأسه من شعر ، وضع المحفظة في جيب الجاكيت والتي تحتوى على عدة شواكل تعد على أصابع اليد الواحدة ، ووضع الجوال في جيب البنطلون ، أخذ يقول بينه وبين نفسه " اتأخرت على موعد البنك ".
 لابد عليه أن يسرع لكي يحجز له دور في طابور الموظفين والذين ينتظرون منذ الصباح الباكر أمام باب البنك ليستلموا رواتبهم.
أبو محمد لا يستطيع الانتظار ليومين أو ثلاثة حتى تخف زحمة البنك ويقبض الراتب " براحته " ، إنه ينتظر الراتب ويحلم به منذ العاشر من الشهر الماضي ، وهو اليوم الذي تبخر فيه الراتب وكأنه لم يكن .
يسرع أبو محمد نحو باب البيت وفجأة يضرب بيده على رأسه:
  -        " آخ نسيت الهوية .. " .
 عاد مسرعاً إلى غرفة نومه ، يحاول أن يتذكر أين وضعها بالضبط .
  -       " آه حطيتها في درج الكوميدينو ، لالالا ، حطيتها في درج التسريحة ، لالالا ، حطيتها في الشنطة مع فاتورة الكهرباء والتليفون ، لالالا ، حطيتها فوق التلفزيون ، لا ،، وين حطيتها !؟! "
حاول أبو محمد أن يتذكر أين وضع الهوية ، أخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة ، ويتعوذ بالرحمن من الشيطان لعله يتذكر.
  -       " يا مرة ، قومي ، انتي لسه نايمة ، قومي دوري معي عالهوية ، مش لاقيها واتأخرت على البنك "
  -       " يا زلمة ، دور منيح ، يمكن حطيتها هينا ولا هينا ؟! ".
  -       " لساتها بتقولي دور ، يا مرة ، قلبت الدار كلها ومش لاقيها ، قومي دوري أنتي ".
نهضت أم محمد من فراشها وهي تتثاءب وأخرجت من فمها كمية هواء ،كادت أن تطير ما تبقى في رأس أبو محمد من شعيرات !!
  -       " وين يا ربي بدي ادور ، والله ماني عارفة ! ".
فتحت الدولاب وبدأت في البحث في ملابس أبو محمد ، ثم انتقلت إلى ملابسها ، ثم غادرت الغرفة وذهبت إلى غرفة الأولاد ، ومن ثم إلى غرفة البنات والصالون وغرفة الضيوف والمطبخ ، حتى الحمام لم تعتقه وبحثت فيه ، لم تترك خرم إبرة في البيت إلا وبحثت فيه ، ولكن لا أثر للهوية بتاتاً ، أين ذهبت هذه الهوية ، وهل لها قدمين سارت بهما خارج المنزل ؟!
جلس أبو محمد على الكرسي الآيل للسقوط عاقداً حاجبيه ، ومدلياً رأسه حتى كاد يلامس الأرض ، وجلست أم محمد بعيداً عنه تتصنع الصمت حتى لا تتفوه بكلمة فيثور في وجهها.
  -       " ضاعت الهوية ! " تمتم أبو محمد بصوتٍ يملأه اليأس والحزن.
  -       " خلص يعني ، ضاعت الهوية ، هو الواحد شو بيسوا من غير هويته ، شو بدي اعمل هلقيت ".
  -       " تعملش في حالك هيك يا أبو محمد ، إن شاء الله راح تلاقيها ، هي وين بدها تروح يعني ؟! " قالتها أم محمد بنوع من المواساة .
  -       " هو اللي بيروح بيرجع ؟؟ اروح وين واقول يا مين يدور معي على هويتي ".
أخذ يقلب كفيه ويهز برأسه حزناً وكمداً ، نظر إلى السماء وقال:
  -       " يا رب مليش غيرك ، يا رب ألاقي الهوية ، يا رب ألاقي هويتي ! ".
عاد إلى غرفته يجر أذيال الخيبة والانكسار ، ارتمى فوق السرير وأخذ يبحلق في السقف ولسان حاله يقول:
  -       " وين راحت الهوية ؟! وين راحت ؟! " .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق