# حوليات
(194)
في بيتنا كتاب
الضوء الأزرق لـ / حسين البرغوثي
أول مرة يتهادى إلى
سمعي اسم حسين البرغوثي كان في إحدى اللقاءات مع الكاتبة الفلسطينية الكبيرة سلمى
الخضراء الجيوسي والتي جاءت على ذكره وقالت عنه أنه أحد الكتاب الفلسطينيين الذين
رحلوا قبل أن يأخذوا حقهم في تسليط الضوء على أعمالهم الأدبية المميزة.
وظل الاسم عالقًا في
بالي حتى تعثرت بـ " الضوء الأزرق " و " سأكون بين اللوز "
وبعد إطلاعي عليهما قلت في نفسي : هاهو برغوثي آخر ينضم لقائمة عائلة البرغوثي
الأدبية التي استمتعت بالقراءة لهم وسعدت بولوج عوالمهم الأدبية المختلفة
والمميزة.
يقول محمود درويش
واصفًا هذا الكتاب بـ "أنه كتاب فريد من نوعه
في الكتابة العربية، ولعله أجمل إنجازات النثر في الأدب الفلسطيني" ، وأقول
أنا : " إذا كان هذا النص رواية فهو منتهى العبث ، أما إذا كان سيرة ذاتية
فهو منتهى الجنون !"
لم أصادف من قبل أحد
يكتب سيرته الذاتية بهذه الطريقة المبتكرة الخلاقة ، كل شيء هنا مختلف ، جرعات من
الفلسفة أحيانًا والجنون البحت في أحيان أخرى.
هل الشخصيات التي تحدث
عنها حسين البرغوثي حقيقية أم مبتكرة من نسج الخيال ، هل تلك الأحاديث المشبعة
بالتساؤلات الوجودية والفكرية والثقافية حقيقة أم محض إدعاء وافتراء ليمرر من
خلالها أفكاره ونظرته للحياة وللوجود ، تلك الأسئلة وغيرها الكثير طافت في بالي
أثناء القراءة ، لكن تبقى تلك السيرة الذاتية أو لنقل الجزء الأول من تلك السيرة
مختلفة وضبابية ، وهي بخلاف الجزء الثاني الذي كان بعنوان " سأكون بين اللوز
" والذي جاء أكثر وضوحًا وأقرب للسيرة الذاتية التقليدية.
الجنون الذي كان يجري
على لسان " بري " حيرني وبشدة ، جعلني أفكر واستنبط وأعيد التفكير مرة
تلو الأخرى ، واستذكر الحكمة العربية القديمة : " خذوا الحكمة من أفواه
المجانين "!
" أحيانًا اللطف
مع الناس جريمة ضد النفس !"
من أكثر العبارات التي
أثرت في نفسي وتوقفت عندها كثيرًا ، فعلاً اللطف مع بعض الناس جريمة ضد النفس.
كتاب أكثر من مميز ،
غريب في طرح أفكاره ، صادق في المشاعر التي يثيرها ، أعجبني الكتاب ككل وأعجبتني
عباراته المنتقاة بدقة والغنية بالملامح الفلسطينية التقليدية.
عامًة وقبل أن أنهي
كلامي ، أود أن أقول كلمة أخيرة خطرت على بالي وتقف في حلقي:
" أيها القارئ : شتان
بين الضوء الأزرق والفيل الأزرق " !
*****
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق