الاثنين، 18 نوفمبر 2013

شهادتي على حرب غزة الثانية (الجزء 3)


# حوليات
(141)
شهادتي على حرب غزة الثانية
في الذكرى الأولى للحرب
الجزء (3)

كان صوتُ القصفِ عاليًا جدًا ، اهتزت له جدران شقتنا الصغيرة ، ورغم تلك الأصوات المزعجة والمخيفة إلا أنها لم تمنع طفلتي الصغيرة راما من الاستغراق في النوم في الصالة أثناء مشاهدتها للأخبار معنا على التلفاز.

حملتها من مكانها القريب من النافذة ووضعتها في مكانٍ أخر بعيدًا عنها ، وكأن قلب الأم أنبئني بالكارثة التي سوف تحل علينا بعد قليل.

وما هي إلا ثوانٍ ، حتى اهتزت الجدران وشعرنا بأنها سوف تطبق علينا ، وضعت يدي بحركة عفوية على أذني وأغمضت عيني.

سقط زجاج نافذة الصالة رغم أنها كانت مفتوحة على مصراعيها ، سقط حيث كنا نجلس وحيث كانت تنام ابنتي قبل دقائق معدودة ، هرع زوجي إلى حجرة راما ظنًا منه أنها تنام هناك ، خاف أن يكون قد سقط عليها زجاج نافذة حجرتها ، أخذ يصرخ أين راما ؟! فأخبرته أنها هنا في الصالة معنا ، كانت مجرد لحظة تغيرت فيها أمور كثيرة ، ارتبكنا ، لم نستوعب ما حدث ، كل الأمر لم يتجاوز الثانية الواحدة ، كان الصوت عاليًا ، سقطت النافذة ، أحمد " عمره شهران " احمله بين يدي ، وراما تقوم مفزوعة من النوم وتختبئ في حضني ، وزوجي هناك يبحث عن طفلته.

وجود الستائر الثقيلة على النافذة الممتدة على طول الجدار كانت السبب الرئيسي لعدم إصابتنا بشظايا الزجاج الذي تناثر على الأرض وعلى السجادة.

طلب مني زوجي الابتعاد عن الشظايا وحمل الطفلين ، جلست على الأرض وبدأت الاتصالات تردنا على الهاتف والجوال ، الأقارب والأصدقاء يتصلون للاطمئنان علينا بعد أن سمعوا خبر قصف منزل في حي تل الهوى ، بدأت بالبكاء خوفًا على أولادي وخوفًا مما سوف يحدث وأنا لا اعلم عنه شيئًا.

بدأ زوجي في رفع الشظايا وكنا نسمع في الأخبار أن المنزل المستهدف هو منزل القيادي في حركة فتح " رشيد أبو شباك " وهو يبعد عن بيتنا مسافة شارع واحد ، لكن من شدة القصف تأثر بيتنا وبعض البيوت الأخرى القريبة.

ومن الجدير بالذكر أن المنازل التي تقع في الشارع الذي فيه منزل رشيد أبو شباك قد تضررت غالبيتها ودُمِرَ بعضها تدميرًا كاملًا والأخر تدمير جزئي ، كانت المشاهد التي تبثها القنوات الفلسطينية مباشرة من أرض الحدث مخيفة ومرعبة ، كان جيران المنزل المستهدف والذين سقطت منازلهم فوق رؤوسهم يخرجون منها بمساعدة رجال الإسعاف والدفاع المدني وقد علت وجوههم الأتربة الممتزجة بدمائهم.

لم يستشهد أحد في تلك الهجمة القوية وقد كانت تلك معجزة إلهية ، ثم سمعنا فيما بعد أن المنزل كان خاليًا من سكانه بعد أن غادر أبو شباك وعائلته إلى الضفة الغربية بعد الانقلاب " الحسم العسكري" عام 2007م ، وسمعنا إشاعات أنه كان مستهدفًا – أي المنزل – لأنه كان مخزنًا لسلاح المقاومة !

من الأشياء المضحكة المبكية أنني قبل بدء الحرب بيومين ، كنت امشي أنا وزوجي في ذلك الشارع فقد اعتدنا أن نتمشى فيه بالليل ، لأنه من الشوارع الهادئة والجميلة والتي تصطف الأشجار على جانبيه وبيوته أنيقة ونظيفة ، كنت أخبر زوجي بأني أتمنى أن أسكن في أحد هذه البيوت ، هذا الشارع أصبح في ليلة وضحاها شارعًا مهجورًا تسكنه الأشباح وبيوته أصبحت أثرًا بعد عين!

يتبع..


****

هناك 4 تعليقات: