# حوليات
(153)
شهادتي على حرب غزة الثانية
في الذكرى الأولى للحرب
الجزء (6)
استقبلتنا العائلة
بالترحاب وهنأتنا بسلامة الوصول ، اجتمع الأهل والأقارب في بيت العائلة وأخذوا
يسألوننا عن الوضع في غزة ، تحدثنا كثيرًا وشربنا أقداح الشاي الكبيرة وفناجين
القهوة الكثيرة.
كانت الحرب في رفح
مختلفة عن غزة ، رغم القصف المتواصل إلا أن الشوارع تغص بحركة المواطنين والمركبات
، كما أن المحلات التجارية والأسواق مازالت مفتوحة.
كان الشعور بكوننا هنا
، بين الأهل والأقارب ، يمنحنا الإحساس بالأمان والشعور بالاستئناس ، كنا نمضي الوقت
أحيانًا بالثرثرة وتبادل الأحاديث الشيقة والتندر على بعض الأخبار المضحكة الواردة
لنا عن الإسرائيليين الذين لم يجدوا غير مواسير المجاري والصرف الصحي للاختباء من
صواريخ المقاومة ، وفي أحيانٍ أخرى كنا نمضي الوقت بالبكاء على صور الأطفال التي
نشاهدها عبر شاشة التلفاز والذين قضوا نتيجة القصف العشوائي على بيوتهم ، لكن
وجودنا مع بعضنا البعض كان يخفف عنا كثيرًا ويهون علينا أمر الحرب.
بيت عائلة زوجي ،
القريب من الحدود مع مصر وبالتالي القريب من مناطق الأنفاق ، كان يشكل خطرًا
جسيمًا علينا ، فالحدود قريبة جدًا جدًا ، والبيت معرض ، مثل عشرات البيوت في تلك
المنطقة ، للقصف ، كان كل صاروخ يسقط على الأنفاق ، نشعر به وكأنه يسقط فوق رؤوسنا
، لدرجة أن دهان الجدران والسقف كان يتساقط على وجوهنا ووجوه الصغار مع كل صاروخ
يسقط في المنطقة ، كنا نرى الصواريخ وهي تسقط من السماء في تتابع وبدون توقف ، وكم
من صاروخ سقط في منطقة خالية ولم ينفجر ، وكم من صاروخ سقط في غير مكانه مخطئًا
هدفه في باحة أحد البيوت الآمنة.
لم نكن نجزع أو نخاف
ذلك الخوف الكبير ، خوفنا لم يتعدى خوف إنسان عادي في غابة يخشى من لسعة نحلة قد
تقرصه فجأة ودون سابق إنذار!
كنا نشعر بالضيق
والضجر ونرى أن تلك الحرب ما هي إلا صداع وسوف يزول قريبًا ، وكأن تلك الطائرات
الحربية المحلقة ليلًا نهارًا في سمائنا ما هي إلا أزيز نحل مستثار ، وما تلك
الصواريخ التي تهطل علينا سوى مطرٌ جاف يصاحبه الكثير من الرعد والبرق لا أكثر ولا
أقل!
لم نكن نخاف الموت ،
فهو هنا ، جزء من دورة الحياة نفسها وليس نهاية لها ، الموت يستوطن الديار وهو ليس
بالغريب الذي نخافه ، أنه يأكل من أكلنا ويشرب من شربنا ، ويسكن بين ظهرانينا.
يتبع
..
*******
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق